تولي دولة الإمارات العربية المتحدة تطوير الموارد البشرية وتأهيل الكوادر الوطنية اهتماماً كبيراً، من منطلق الإيمان بالدور الحيوي لرأس المال البشري في مسيرة التنمية التي تشهدها الدولة، وتحقيق الطموحات الوطنية في أن تكون الإمارات ليس فقط في مصاف الدول المتقدمة، وإنما الأولى في المجالات المختلفة. وهذا لا يمكن أن يتحقق من دون العنصر البشري القادر على مواكبة التطورات الجارية في مختلف العلوم والمعارف في العالم، ليس فقط من خلال المحاكاة أو التقليد، وإنما أيضاً الابتكار وخلق الأفكار التي تجعلنا أكثر اعتماداً على أنفسنا ومصدر إشعاع لغيرنا. 
في هذا السياق يأتي أسبوع التعليم التقني والابتكار 2021 الذي ينظمه مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني، للعام السابع على التوالي، الذي انطلق يوم الاثنين الماضي ويختتم فعالياته، اليوم الخميس، تحت رعاية سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، الذي أكد في هذه المناسبة أن «صناعة الكفاءات الوطنية المتميزة والفائقة في التخصصات الهندسية والتكنولوجية والصناعية كافة، تأتي في صدارة أولويات القيادة الرشيدة».
وينطوي أسبوع التعليم التقني والابتكار على أهمية كبيرة؛ لأنه ينسجم مع توجهات الأجندات الوطنية المتمثلة في التنويع الاقتصادي كحل أمثل لتعزيز التنمية المستدامة من خلال التوظيف الأمثل للمعرفة والابتكار، وتقليل الاعتماد على الموارد النفطية. وهذا بالطبع يتطلب كوادر وطنية قادرة على التعامل مع كل التحديات التي تفرضها عملية التحول إلى اقتصاد المعرفة، وهو الهدف الأساسي لهذه الفعالية. وهنا لا بد من تأكيد أن تأهيل الكوادر الوطنية، خاصة في المجالات الحيوية لتكون في مستوى طموحات القيادة يتطلب تكاتف جهود كل المؤسسات الحكومية المعنية، خاصة تلك المنخرطة في التعليم المهني والتقني، والعمل على تكثيف برامج تبادل الخبرات والتجارب، حيث يعد هذا أمراً حيويّاً لنقل المعارف، وفي عمليات التقييم، ومن ثم التطوير أيضاً، كما يتطلب زيادة الاهتمام بالتعليم المهني والتقني، سواء من خلال التوسع في مؤسساته، أو توعية وتثقيف المجتمع بأهميته، وتقديم حوافز لإقناع الشباب بالانضمام إليه، بما يحقق التوازن المطلوب بين الجانب الأكاديمي والبحثي، وبين الجانب التقني والعلمي، الذي يمكن ملاحظته في كل الدول التي حققت مستويات تقدم عالية. 
وإضافة إلى ذلك، فإن تأهيل الكوادر الوطنية يتطلب التعاون بين القطاعين العام والخاص. وهنا يجب ألا يقتصر التنسيق بين القطاعين على تبادل الخبرات فقط، أو تنظيم البرامج المشتركة، وإنما التعاون في عمليات التوظيف أيضاً، بحيث يضطلع القطاع الخاص بدور أكبر في التدريب العملي، وقد يتقاسم مع القطاع العام تحمّل الأعباء المالية خلال فترة التدريب، فيضمن القطاع العام تأهيل الكادر، وفي الوقت نفسه يحصل القطاع الخاص على فرصة استقطاب كوادر متخصصة في مجال عملهم، وهكذا يستفيد القطاعان ويتحقق التكامل بينهما. 
وفضلاً عن ذلك، هناك حاجة ماسة لتطوير برامج التدريب بشكل مستمر، والخروج من حدود الطرق التقليدية التي قد يغلب عليها التلقين وزيادة أو تراكم المعارف، إلى أساليب أكثر فاعلية، مع تبني الطرق الهجينة، بحيث يتم التركيز بشكل أكثر على الممارسات العملية والتطبيقية.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.