يحتفل المجتمع الدولي في الرابع من فبراير الجاري بـ«اليوم العالمي للأخوّة الإنسانية» للمرة الأولى بعد أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بالإجماع يعلن يوم 4 فبراير بوصفه «اليوم العالمي للأخوّة الإنسانية» بهدف تعزيز التسامح الدولي ونبذ العنف والكراهية، ضمن مبادرة قدمتها كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية، في إنجاز تاريخي واعتراف دولي بوثيقة «الأخوة الإنسانية» التي وقّعها الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي يوم 4 فبراير 2019.
ويمثل الاحتفال لأول مرة باليوم العالمي للأخوّة الإنسانية حدَثاً إنسانياً تاريخياً عميق المغزى، ورسالةَ سلام ودعوة مفتوحة لكافة شعوب العالم لنبذ التعصب وخطاب الكراهية، خاصة في ظل الجائحة التي تجتاح العالم وتتوالى موجاتها في أكبر تحد يواجه البشرية، حيث تظهر بالفعل حاجتنا للأخوّة الإنسانية في زمن وباء كورونا والتضامن الإنساني مع ملايين البشر العاجزين عن مواجهة وباء يهدد حياتهم بسبب أوضاعهم الهشة التي تحول دون توفير سبل الرعاية الصحية اللازمة لهم، كاللاجئين أو المشردين في مناطق النزاعات وكذلك شعوب الدول الفقيرة التي تعجز حكوماتها عن توفير الاحتياجات الأساسية لشعوبها.
إنها رسالة سلام انطلقت من أبوظبي إلى العالم باستضافتها في فبراير 2019 المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية الذي نظمه مجلس حكماء المسلمين بهدف الحوار حول التعايش والتآخي بين البشر والتصدي للتطرف واحترام الاختلاف وتعزيز العلاقات الإنسانية بين أهل الأديان والعقائد المتعددة. وقد أسفر المؤتمر عن توقيع وثيقة الأخوّة الإنسانية وسلسلة مبادرات أخرى. وخلال سنتين على تبني الوثيقة، ترجمت دولة الإمارات بنود هذه الوثيقة إلى حقائق على الأرض عبر إطلاق عدة مبادرات دولية، مثل إنشاء صندوق زايد العالمي للتعايش، فضلا عن تأسيس بيت العائلة الإبراهيمية.. إلخ. 
وبينما كان العالم يتضامن في مواجهة أفكار التطرف والإرهاب، جاءت جائحة كورونا لتضيف تحدياً جديداً يهدد البشرية ويظهِر الحاجة الفعلية والفورية للتضامن الإنساني. ففي دعوة ملهمة للإنسانية جمعاء، وفي تجسيد للأخوة والتضامن الإنسانيين، انطلقت اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، وتحت رعاية البابا فرنسيس بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ووجهت نداءً عالمياً إلى جميع الناس على اختلاف ألسنتهم وألوانهم ومعتقداتهم بتنظيم مبادرة «الصلاة من أجل الإنسانية»، وهي صلاة واحدة متعددة الأديان والتوجه إلى الله لإنقاذ البشرية ورفع وباء فيروس كورونا المستجد عن العالم، يوم الخميس 14 مايو 2020، في تضرع من البشرية بالدعاء إلى الله تعالى بصوت واحد ومعتقدات مختلفة، بيقين مطلق من قدرة الله ولطفه ورحمته بأن يحفظ البشرية ويرفع عنها الوباء.
ويختبر فيروس كورونا إنسانيتنا ويضعها على المحك بغض النظر عن الاختلافات العرقية والثقافية والدينية. فحماية البشرية والتضامن الدولي الإنساني هما واجبان جمعيان وتطبيقان عمليان للأخوة الإنسانية التي تستدعي المساواة في توزيع الإمدادات الطبية واللقاحات المضادة للفيروس. فأزمة «كوفيد-19» اختبار أخلاقي حقيقي لقادة وشعوب العالم، تتحمل فيه الدول الغنية مسؤوليات أخلاقية لتوفير الأدوية واللقاحات الطبية بالتساوي لدول العالم الفقيرة، حمايةً للإنسانية ككل.
ويأتي الاحتفال باليوم العالمي للأخوة الإنسانية في وقت عصيب تحتاج فيه البشرية إلى التضامن الإنساني العابر للحدود والأديان والعرقيات وإلى العطاء غير المسيّس. إن رمزية الاحتفال بيوم الأخوّة الإنسانية تعني أن البشرية ستقف معاً في مواجهة الإرهاب والأوبئة.