من الطبيعي أن تقوم كل إدارة أميركية جديدة تتسلم مقاليد البيت الأبيض بمراجعة قرارات وملفات سبق للإدارة، التي سبقتها إصدارها وتناولها وخاصة عندما تكون الإدارة الجديدة من الحزب «الديموقراطي»، وجاءت بعد إدارة من الحزب «الجمهوري» والعكس صحيح. ولكن الوضع في الإدارة الحالية يختلف بدرجة كبيرة إذ تسلم الحزب الديموقراطي سدة الرئاسة بعد صراع داخلي مرير ضد الرئيس «الجمهوري» السابق دونالد ترامب شهد أحداث أبرزها اقتحام عناصر من مؤيدي «ترامب» مبنى الكونجرس ثم قيام الرئيس «جو بايدن» بتوقيع 22 قراراً تنفيذياً خلال الأسبوع الأول فقط، يوقف بموجبها قرارات سبق إصدارها من سلفه «ترامب»، والذي كان قد أصدر 4 قرارات تنفيذية فقط خلال أسبوعه الأول في الحكم. ولكن الأمر المثير للتساؤل هو توارد أنباء عن ربط إدارة «بايدن» الأوضاع في اليمن بمبيعات الأسلحة، ولو صحت تلك الأنباء، فإن تلك الرؤية الأميركية الجديدة ستكون لها مخاطر وانعكاسات سلبية للغاية على الأمن في منطقة الخليج العربي وبحر العرب. 
أولى تلك المخاطر هي ما سيتبع احتمالية الاعتراف بالأمر الواقع، الذي فرضه الانقلاب «الحوثي» على الشرعية مما سيتعارض بقوة مع نص القرارين رقمي 2201 و2216 الصادرين عن مجلس الأمن الدولي في شهري فبراير وأبريل من عام 2015 على التوالي. فقد طالب القرار رقم 2201 جماعة «الحوثيين» بسحب مسلحيها من المؤسسات الحكومية اليمنية، مستنكرا تحركات أفرادها الذين تدعمهم إيران لحل مجلس النواب اليمني والسيطرة على مؤسسات الحكومة الشرعية واستخدام أعمال العنف لتحقيق الأهداف السياسية، والاستيلاء على المنابر الإعلامية للدولة ووسائل الإعلام للتحريض على العنف. كما طالب القرار 2216 «الحوثيين» بالتنفيذ الكامل للقرار رقم 2201 والامتناع عن اتخاذ المزيد من الإجراءات الأحادية التي يمكن أن تقوض عملية الانتقال السياسي والكف عن استخدام العنف، وسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها بما في ذلك العاصمة صنعاء، والتخلي عن جميع الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، والتوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية، والامتناع عن الإتيان بأي استفزازات أو تهديدات للدول المجاورة، والالتزام بمبادرة مجلس التعاون الخليجي ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
كما تتضمن مخاطر تلك الرؤية الأميركية المحتملة تجاه الأوضاع في اليمن، في حال تحققت صحتها، منح الفرصة لترسيخ النفوذ الإيراني على كامل التراب اليمني وخاصة فيما يتعلق بعملية صنع القرار في حال تم تسليم جماعة «الحوثي» الإرهابية مناصب سيادية في الحكومة اليمنية، الأمر الذي سيساهم بقوة في التمدد الإيراني في منطقة بحر العرب وخليج عدن، وبالتالي في مضيق باب المندب. وهنا ستستمر حلقات التوسع الإيراني حول شبه الجزيرة العربية بعد لبنان وسوريا والعراق وسيدخل اليمن في دوامة من الصراعات الطائفية الدموية، الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من التدهور في الأوضاع الإنسانية والأمنية للشعب اليمني وسيكون له انعكاسات خطيرة على أمن دول مجلس التعاون الخليجي. ومع كامل اليقين بأهمية أن تكون لكل إدارة جديدة في البيت الأبيض أولوياتها وسياساتها التي تراها ضرورية من أجل تحقيق الأمن القومي الأميركي وأهدافه على مستوى العالم، إلا أنه من الضروري أيضاً أن تراعي تلك الأولويات والسياسات، الأهداف التي وضعتها دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية حماية لأمنها الوطني عندما اتخذت القرار بالتدخل لردع الانقلاب الحوثي وتنفيذ القرارات الأممية وإعادة النظام الشرعي في اليمن ونشر الأمن والاستقرار بين المواطنين اليمنيين فضلاً عن العمل على وقف مخطط التوسع الإيراني في المنطقة.