كان رئيس الولايات المتحدة الجديد «جو بايدن» من أبرز المؤيدين لعلاقات وثيقة مع الهند حين كان نائباً للرئيس من 2009 إلى 2017، وقبل ذلك حين كان عضواً في لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي من 2007 إلى 2009. كما كان من بين أولئك الذين ساعدوا على دفع الاتفاق النووي المدني بين الهند وأميركا الذي وضع العلاقات بين البلدين على مسار أعلى. 
ووسط تغيير الإدارة في الولايات المتحدة، شعرت الهند بالاطمئنان بعد التصريحات القادمة من الولايات المتحدة؛ حيث يتوقع محللون الاستمرارية في علاقات يفوق فيها الانسجام الاستراتيجي الخلافات. وفي هذا الإطار، قال وزير الدفاع الجديد «لويد أوستن» إن إدارة بايدن تركز على الرقي بالعلاقات مع الهند في مجال الدفاع، والتي صارت خلال السنوات الأخيرة بمثابة حجر الأساس بالنسبة للعلاقات الثنائية. ومن جانبه، قال وزير الخارجية «توني بلينكن» لأعضاء «لجنة العلاقات الخارجية» النافذة في مجلس الشيوخ خلال جلسة التصديق على تعيينه إن الهند «قصة نجاح لإدارات أميركية متعاقبة من كلا الحزبين». 
التصريحات القادمة من واشنطن تُظهر أن الروابط بين الهند والولايات المتحدة من القوة بحيث إن تغيير الإدارة لن يؤثّر على الاتجاه العام للعلاقات، وذلك لأن الأسباب الاستراتيجية للعلاقة ما زالت قوية، وتتجاوز الأشخاص والإدارتين الحاكمتين في البلدين. رئيس الوزراء «مودي»، الذي كان من بين مجموعة محدودة من القادة الذين كانت تربطهم علاقة شخصية ودية مع الرئيس السابق دونالد ترامب، اتصل ببايدن، مبرزاً تفاعلات سابقة. وتتراوح الأسباب الاستراتيجية لتمتين العلاقات بين البلدين من تزايد الروابط في مجال الدفاع إلى المواضيع ذات الاهتمام المشترك مثل النفوذ المتزايد للصين. 
العلاقات العسكرية بين الهند والولايات المتحدة ازدادت أيضاً وسط وعد بتعزيز التعاون في منطقة آسيا-المحيط الهادئ مع واشنطن سعيا لتقوية الهند وسط الخطوات الصينية في المنطقة. فأحد الدوافع الرئيسية للعلاقة هو أمن آسيا-المحيط الهادئ التي تعتبر منطقة ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لكلا البلدين. وعلى خلفية هذا الاهتمام، تخلت الهند عن ترددها السابق ووجّهت دعوة إلى أستراليا للانضمام إلى مناورات مالابار البحرية، التي تشارك فيه اليابان والولايات المتحدة. 
كما تُعد الهند أيضاً سوقاً نامية بالنسبة للولايات المتحدة؛ والشركات الأميركية حريصة على الاستفادة من الفرص المتزايدة التي تتيحها. فخلال الست سنوات الماضية، حققت الولايات المتحدة تقدماً كبيراً مع الهند، ومن المرجح أن ترغب إدارة بايدن في البناء على كل مجالات التعاون، بل إن العلاقة والتعاون بين الهند والولايات المتحدة ينموان في مختلف المجالات، من التعليم والصحة إلى الدفاع والفضاء. 
رئيس الوزراء «ناريندرا مودي» تذكّر في مناسبتين مختلفتين لقاءاته السابقة مع بايدن على خلفية تصور بأن الزعيم الهندي تربطه علاقة شخصية ودية مع الرئيس السابق ترامب، الذي حاول جعل الانتخابات الرئاسية الأخيرة مثيرة للانقسام. ففي مكالمة هاتفية مع بايدن بعد فوزه في الانتخابات، تذكر «مودي» تعامله السابق مع الرئيس بايدن خلال زياراته إلى الولايات المتحدة في 2014 و2016. وفي وقت سابق، قال «مودي» في رسالة تهنئة على تويتر إنه يتطلع إلى «العمل معا من جديد للرقي بالعلاقات الهندية الأميركية إلى مستويات أعلى». ومن جانبه، أكّد وزير الخارجية الهندي جائي شنكر على أن بايدن ليس غريباً على الهند. 

وفضلا عن ذلك، فإن سبباً فورياً للخلاف سيكون بيع روسيا للهند خمسة أنظمة أسلحة مضادة للطائرات من طراز «ترايمف» إس 400. ذلك أن الصفقة تستوجب عقوبات أميركية في إطار القانون الفيدرالي المسمى «التصدي لخصوم أميركا من خلال العقوبات» (أو «كاتسا» اختصارا)، الذي استُخدم لفرض عقوبات على إيران وكوريا الشمالية وروسيا. وقد تعرضت تركيا أيضاً لعقوبات بسبب شرائها هذه الأسلحة من روسيا. وإذا كان من المتوقع أن تُضبط الهند لمخالفتها هذا القانون مع احتمال ألا تمنحها الولايات المتحدة استثناء، فإنه من غير المعروف حتى الآن كيف سيتعاطى البلدان مع هذا المنغص لضمان ألا يؤثر سلباً على العلاقة الثنائية.
* رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي