لأكثر من قرن من الزمان كانت الوكالات الصحية، تعتمد على شهادات التطعيم الورقية لمكافحة الأوبئة. لكن شركات «مايكروسوفت» و«سيلزفورس» و«أوراكل» تتعاون الآن مع مجموعة «مايو كلينيك» غير الربحية للرعاية الصحية وغيرها من مؤسسات الرعاية الصحية الكبرى لتطوير التكنولوجيا، التي من شأنها أن تجلب مثل هذه الشهادات إلى هواتف الناس.
تتصور الشركات أن «جوازات تلقي اللقاح»، هذه يمكن أن تسمح للشركات والمدارس وأماكن الحفلات الموسيقية وشركات الطيران بفحص ما إذا كان لدى الأشخاص دليل على التطعيم. كشفت الشركات- التي تتنافس بشراسة على أمور أخرى خلاف ذلك- عن «مبادرة أوراق اعتماد التطعيم».
هدف المجموعة هو المساعدة في تطوير نسخة آمنة من سجلات التطعيم، والتي يمكن تخزينها في خاصية المحفظة الرقمية على الهواتف الذكية. وتخطط المجموعة أيضاً لتقديم أوراق مطبوعة برمز الاستجابة السريع (QR)، والتي من شأنها أن تسمح للأشخاص الذين ليس لديهم هواتف ذكية بالاستمرار في الوصول إلى سجل آمن والدخول إلى الأماكن التي قد تتطلب مثل هذه الشهادة.
وقالت «جوان هارفي»، رئيسة قسم حلول الرعاية في ائتلاف «إيفيرنورث، سينجا» للخدمات الصحية: «أردنا بناء شيء من شأنه أن يمكّن المستهلكين من تحمل المسؤولية والتحكم والقدرة على إدارة معلومات التطعيم الخاصة بهم بالطريقة التي يشعرون معها براحة أكبر، ويمنحهم حرية الشروع في العودة إلى حياتهم». 
يشير مسعى شركات التقنية إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه وادي السيليكون في المرحلة التالية من الوباء – سواء للأفضل أو للأسوأ. يمكن أن يضمن التنسيق الرقمي والآمن تعزيز قدرة الأشخاص على تتبع بيانات اعتمادهم في مكان واحد، ويمكن أن يمنع الأشخاص من جلب نسخ مزورة من بطاقات التطعيم الورقية التي توزعها الوكالات الصحية.
لكن خبراء الصحة ودعاة الخصوصية شككوا في توقيت المبادرة - خاصة وأن المشاكل التقنية وغيرها تمنع العديد من الأميركيين الضعفاء من الحصول على اللقاحات في المقام الأول.
يهتم علماء أخلاقيات الطب بتطوير أدوات إصدار شهادات التطعيم قبل إتاحة التطعيمات على نطاق واسع. لطالما طالبت المدارس وبعض أماكن العمل بتقديم دليل يثبت الحصول على التطعيم من قبل الطلاب وبعض الموظفين. لكن «نيتا فاراهاني»، أستاذ ومدير مبادرة العلوم والمجتمع بجامعة «ديوك»، حذرت من مطالبة الشركات وغيرها بإثبات التطعيم في وقت مبكر جداً. وقالت «فاراهاني»: «أنا فقط أعارض ذلك في الوقت الحالي، عندما يكون هناك قيود كبيرة على عدد الأشخاص الذين يمكنهم الحصول على لقاحات كوفيد». وقالت إنه قد يكون من المنطقي استكشاف مثل هذه الأنظمة في وقت لاحق من هذا العام، حيث من المتوقع أن يكون اللقاح متاحاً على نطاق واسع وسيكون هناك المزيد من البيانات لدعم فعاليته.
وقد حذرت «فراهاني» من أن مثل هذه المتطلبات يمكن أن تؤدي إلى وجود «مجتمع من طبقتين»، حيث يتمكن الأشخاص الملقحون من الحصول على وظائف ودخول الأماكن العامة دون غيرهم. يقول الشركاء في «مبادرة اعتماد التطعيم» إن الأمر متروك لقطاع الأعمال والمدارس لتحديد كيفية استخدام أوراق الاعتماد هذه.
وبالفعل، تفكر بعض الشركات في ذلك. قدمت شركات الطيران بالفعل تطبيق مرور صحي يسمى «مرور عام» أوCommon Pass. يقوم التطبيق في البداية بفحص اختبارات فحص فيروس كورونا للمسافرين، ويمكن أن تعمل تطبيقات جواز تلقي التطعيم الجديدة بشكل مشابه.
تساءل «ألبرت فوكس كان»، المؤسس والمدير التنفيذي لمشروع الإشراف على تكنولوجيا المراقبة- وهي منظمة غير ربحية تسعى لضمان عدم التأثير السلبي للتقنيات المتقدمة على المجتمعات المهمشة- عن سبب تركيز شركات التكنولوجيا على إنشاء جوازات تلقي التطعيم وليس المشكلات التقنية التي تعيق حالياً طرح اللقاح. وقال إن الصناعة يجب أن تنتظر التوجيهات من مسؤولي الصحة العامة قبل القفز لتطوير الحلول. وحسب «فوكس كان»: «إنه غير ضروري على الإطلاق. فهذا يشبه نفس الحلول التكنولوجية غير المؤثرة التي رأيناها خلال هذا الوباء». وليست هذه هي المرة الأولى التي تتعاون فيها شركات التكنولوجيا خلال الوباء. فقد سبق أن تعاونت شركتي آبل وجوجل لبناء أنظمة لإخطار الأشخاص إذا تعرضوا للفيروس، لكن هذه الأدوات لم يتم تبنيها على نطاق واسع في الولايات المتحدة

كات زاكرزويسكي

صحفية متخصصة في سياسات التقنية 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»