واجهت دولة الإمارات العربية المتحدة جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19» باستراتيجية شاملة ومحكمة، استطاعت من خلالها أن تكون في مقدمة الدول التي واجهت الجائحة بنجاح وحدَّت من تأثيراتها السلبية إلى أقصى حد في المجالات كافة، وصمد القطاع الصحي بشكل مثير للإعجاب وقام بدوره على أكمل وجه في ظل متانة بنيته التحتية وما يمتلكه من موارد ضخمة على الصعيدين المادي والبشري.
وأسهمت دولة الإمارات بشكل فاعل في الجهود الدولية لمواجهة الجائحة، فقدمت الكثير من المساعدات للعديد من الدول حول العالم لدعم قدرة قطاعاتها الصحية وتحسين فاعليتها في مواجهة الجائحة، حيث قدَّمت منذ بدء هذه الأزمة أكثر من 1700 طنّ من المساعدات لأكثر من 128 دولة، استفاد منها نحو 1.7 مليون من العاملين في المجال الطبي، كما قامت الإمارات من خلال مؤسساتها البحثية وما تمتلكه من خبرات أكاديمية، بدور فاعل في الجهود العلمية لدراسة فيروس «كوفيد-19» وتصنيع اللقاحات الخاصة به. 
ومثلما واجهت دولة الإمارات الجائحة بنجاح، فإنها تنفذ حاليًّا استراتيجية متميزة للتطعيم ضد «كورونا»، حيث بادرت المؤسسات المعنية بتوفير اللقاح وبشكل مجاني لمن يرغب في تناوله من المواطنين والمقيمين لتكون الدولة في مقدمة الدول التي قامت بهذه الخطوة، حيث إن دولاً قليلة حول العالم استطاعت أن توفر حتى الآن اللقاح لسكانها، فيما لم تتمكن دول عدة بعد من الحصول على لقاحات لمواطنيها. 
وقد سهلت الدولة على الراغبين في تناول اللقاح، الحصول عليه بكل يسر ودون عناء يذكر، حيث قامت بتوفيره في الكثير من المستشفيات العامة والخاصة والمراكز الصحية والمجالس التي تعمل في أنحاء الإمارات كافة بنظام دوام مرن يتيح لكل أفراد المجتمع الذهاب إلى هذه المواقع لتناول اللقاح في الوقت المناسب لهم. 
وفي الوقت الذي جعلت فيه الدولة تناول اللقاح اختياريًّا، فإنها تحث من خلال طرق مختلفة أبناء المجتمع على الإقدام على هذه الخطوة لأن هذا هو الطريق للتعافي من الجائحة وعودة الحياة إلى طبيعتها. وقد قدم شيوخنا الكرام المثال الذي يجب أن يحتذى به في هذا السياق من خلال مبادرتهم لتناول اللقاح وسبْقِهم الآخرين في هذا الإطار، ولتأكيد أن اللقاح آمن، ولدحض الشائعات التي تم إطلاقها بخصوص اللقاحات التي تم تصنيعها لمواجهة هذا الفيروس الفتاك. وتقوم وسائل الإعلام بدور مهم في دعم تنفيذ استراتيجية التطعيم التي تنفذها الدولة من خلال توضيح الأهمية الفائقة لتناول اللقاح. وتسعى دولة الإمارات إلى تحقيق هدف طموح في هذا المجال، يتمثل في تطعيم نحو 50 في المئة من السكان خلال الربع الأول من العام الجاري، وسوف يتم تحقيق هذا الهدف في ظل الجدية التامة التي تتعامل بها المؤسسات المعنية في الدولة والتعاون الكبير الذي تبديه أطياف المجتمع كافة مع الجهود الكبيرة المبذولة في هذا الصدد. وحتى يوم الثلاثاء الماضي بلغ عدد من تلقوا اللقاح أكثر من مليونَي شخص، وبلغ معدل توزيع اللقاح نحو 21 جرعة لكل 100 شخص، لتسجل دولة الإمارات رقمًا قياسيًّا جديدًا في سباق التطعيم ضد كورونا. 
وتعمل المؤسسات المشاركة في عملية التطعيم على تطوير استراتيجيتها بشكل مستمر لضمان التفعيل المستمر لهذه الاستراتيجية ومواكبتها لكل التطورات، وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الصحة ووقاية المجتمع يوم الأحد الماضي تحديث الفئات التي يمكنها أخذ اللقاح، حيث تم تضمين جميع المواطنين والمقيمين ابتداءً من عمر 16 سنة للفئات المؤهلة والمستوفية لشروط أخذ اللقاح ضمن الحملة الوطنية للقاح «كوفيد-19»، ويأتي ذلك تأكيدًا لنهج دولة الإمارات الاستباقي في الاهتمام بصحة وسلامة كل فرد من أفراد المجتمع.
إن هذه الاستراتيجية المتميزة التي تتبعها دولة الإمارات لتطعيم أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين، سوف تسجل نجاحًا جديدًا في مواجهة جائحة «كوفيد-19»، وسوف تواصل الدولة ما حققته من إنجازات لافتة للنظر في حصار هذه الجائحة لتصبح في مدى زمني قصير في عداد التاريخ، لتواصل الدولة مسيرتها التنموية التي باتت نموذجًا يحتذى به.
 * عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية »