لا خلاف على أن الانتخابات الإسرائيلية الرابعة في غضون أقل من عامين، والتي ستكون في مارس القادم، لن تسفر عن تغيير جوهري في السياسات الإسرائيلية الداخلية أو الخارجية، في ظل المتغيرات المتسارعة في بنية الأحزاب وتفكك وتراجع شعبية بعضها، وخروج شخصيات مهمة نحو الاعتزال السياسي، وتنقل وزراء وأعضاء كنيست بين الكتل الحزبية، وسط ترجيح غياب الجنرالات وضباط الجيش الإسرائيلي عن واجهة السباق الانتخابي هذه المرة. كذلك، لا خلاف، على أن نجاح الأحزاب العربية في «القائمة المشتركة» في الانتخابات القادمة، قد لا يجعلها شريكة في حكومة قادمة رغم أهمية الصوت العربي «الموحد» في ظل الانقسامات المتسارعة داخل المجتمع السياسي الإسرائيلي.
لقد بات من المؤكد عودة عدد من الأحزاب اليمينية لمحاولات الفوز بقسط من الأصوات العربية. وبحسب الكاتب الإسرائيلي «موتي توخفيلد»، فإن «أحزاباً عديدة صرحت بأن ليس لديها مشكلة في الاعتماد على أصوات القائمة المشتركة لتشكيل حكومة، وبينها أحزاب ميرتس، العمل، يوجد مستقبل، وأزرق أبيض». وكان النائب أفيغدور ليبرمان من حزب «إسرائيل بيتنا»، وإن كان لم يصرح بذلك علناً، أعطى ضوءاً أخضر بالخطوة إلى «بيني غانتس» بعد الانتخابات السابقة في مارس الماضي. ومع ذلك، سيتعين على هذه الأحزاب أن تضم إلى الخطة «جدعون ساعر» أو «نفتالي ينيت» أيضاً، اللذين من غير المؤكد أن يوافقا على أن يكونا في حكومة تعتمد على «القائمة المشتركة». 
وبالمقابل، يتساءل الكاتب والصحفي السياسي «ناحوم برنياع» إن كان «بينيت»، وكذا «ساعر»، «سيقفان بعد الانتخابات أمام المعضلة إياها التي أفشلت غانتس، وجعل الأمور صعبة على ليبرمان: نتنياهو سيعرض عليهما نصف ملكية. والفجوة في المفاهيم الفكرية ستكون طفيفة، لكنهما سيعرفان بأن الشراكة لن تكون والاتفاقات لن تكتمل. فهل سيبحثان عن شركاء على يسارهما، ويحاولان إقامة حكومة في ظل التعاون مع العرب؟ مَن يقول أنه يمكنه أن يقيم حكومة من دون نتنياهو، ومن دون العرب على حد سواء سيكذب على جمهوره».
استطلاعات الرأي التي أجرتها العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية أظهرت أن الأحزاب العربية ضمن «القائمة المشتركة» ستحصل على 10 مقاعد. وتعتبر هذه الأحزاب الأكثر تضرراً من متغيرات الساحة الحزبية، وبذلك تسجل تراجعاً في تمثيلها البرلماني، وكذلك تراجع تأثيرها على التحالفات الائتلافية في الحكومة المقبلة، لأسباب عديدة ربما أهمها التوجهات السياسية التي يطرحها رئيس كتلة الحركة الإسلامية داخل «القائمة المشتركة» النائب منصور عباس، الذي يرى أنه «لم يعد هناك فارق بين يمين ويسار، وبالتالي لا بأس من التعامل مع أي طرف إسرائيلي، شريطة أن يخدم القضايا الملحّة للمجتمع العربي الفلسطيني». رغم ذلك، يرى البعض أن عودة الأحزاب اليمينية، وعلى رأسها «الليكود»، للشارع العربي هدفه تفكيك «القائمة المشتركة» وبعثرة أصواتها. وبعبارات المحللة السياسية «أوريت لفيا– نشيال»، فإن «نتنياهو يركز الجهد الأساسي على المجتمع العربي.. لقد تحول عدو الأمس (أي العربي) إلى حبيب اليوم. لكن، لدى نتنياهو، لا يوجد حب مجاني.. والعرب تحولوا إلى هدف مغازلة مصيرية متعالية ونفعية، لكنها بالتأكيد ليست قائمة على المساواة». 
ختاماً، من المؤكد أن الصوت العربي لا يزال مهماً في الانتخابات الإسرائيلية؛ فهو يحمل هموم أكثر من مليون وربع مليون فلسطيني في أراضي 48، وبمقدورهم تأكيد انتمائهم إلى شعبهم الفلسطيني، مثلما أن بمقدوره فضح استمرار سياسات التمييز ضدهم من جهة ثانية، إضافة إلى توفر إمكانية مساهمتهم في تغيير السياسات ولو داخل جبهة أحزاب اليمين من جهة ثالثة.