تتيح تكنولوجيا الاتصال فرصاً بلا حدود للمشاركة العميقة في السياسات العامة بين جميع المواطنين والفاعلين الاجتماعيين، ويمكن أن تكشف عن إمكانات مهمة للجمهور في تطوير وتفعيل السياسات العامة. فمن خلال تمكين الناس جميعاً من التواصل، يمكن أن يقدم كل إنسان أفكارَه ومفاهيمه من أجل المشاركة في تحسين الحياة والإنفاق والخدمات والمرافق. ويمكن أيضاً اكتشاف قدرات إبداعية وجمالية في التأثير والبحث عن موارد وأعمال جديدة تفعّل المؤسسات وتزيد قيمتها أو تكشف مجالات جديدة في الأسواق والأعمال والخدمات. وبالطبع يمكن أيضاً بناء مشاركة شاملة في مواجهة الجريمة والكراهية كما الإغاثة والعون للمحتاجين والتكافل الاجتماعي والتعليم وتداول المعرفة والخبرات ومشاركتها. 
هناك قضايا ذات اهتمام مشترك في جميع المجتمعات مثل التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والمرافق العامة والتحديات التي تواجه المجتمعات. وفي ذلك يمكن لجميع أعضاء المجتمع تقديم مساهماتهم، وسوف نكتشف أن فئةً واسعةً من الناس لديها إمكانات للاقتراح أو التأثير الجمالي في القضايا العامة، مثل الشعر والمسرح والتعبير والرسم والموسيقا.. لتجعل من القضايا العامة محوراً لمحتوى العمل والفكر الجمالي. ومثّلت جائحة «كوفيد-19» ميداناًَ واسعاً وظريفاً وإبداعياً لمشاركات فنية وإبداعية تساهم إيجابياً في بناء عادات صحية سليمة تنشئ وعياً بالمخاطر والتحديات. 
وعلى سبيل المثال، فقد لاحظنا كيف استُخدِم الحس الفني والتعبير الفكاهي لدى كثير من الناس لبناء فهم مشترك في العمل الإيجابي لمواجهة الوباء والردّ على الإشاعات أو السخرية من التطرف والكراهية. واكتشف التلاميذ والمعلمون فرصاً عملية لتعلم الموسيقا والإبداع والرسم وتقديم منتجات ومشاركات جميلة في المدارس ذات الإمكانيات المحدودة، أو في المناطق النائية والبعيدة عن العواصم والمدن الكبرى، كما لو أنها تتمتع بإمكانيات متقدمة، وكانت تحتاج قبل التواصل الشبكي إلى تكاليف وكفاءات نادرة. 
وقدّم الناس بمختلف مواقعهم وأعمارهم مشاركات إيجابية في التطوع والتعبير عن الأفكار والمقترحات وفي اكتشاف القضايا والمصالح العامة. كما أمكن على نحو عملي إعادة التدريب والتعليم المستمر وتلبية دوافع الوعي والفضول والتفكير النقدي، مثل المنصات التعليمية والتدريبية في كل المجالات، وفي فضاءات الحوار والمناقشة حول القضايا التي تهم الرأي العام، مثل التعليم والعمل عن بعد والتحديات والفرص الممكنة والاقتراحات والأفكار المختلفة.. لتحويل التحديات إلى فرص ومواجهة نقاط الضعف في الاختيارات والاحتمالات وتعزيز الإيجابية وقوتها الكامنة. 
وطُرحت أسئلة مهمة وجديدة دفعت وحركت المؤسسات والقيادات السياسية والاجتماعية للاستماع إليها، أو التعاطف مع القضايا والمشكلات والحالات الإنسانية، وبطبيعة الحال فقد اكتسب التلاميذ والمواطنون قدرات ومهارات ضرورية جديدة في البحث والعمل التشاركي وفي الإبداع والنقد والتحليل.
ويمكن الحديث اليوم، على نحو عملي وتطبيقي، عن الانتقال من حل المشكلات إلى تمكين الناس من حلها، ومن بناء الحل وفق نماذج مؤسسية تقليدية إلى حلول بلا حدود، أي العمل في حُزم ومنظومات تتفاعل مع بعضها البعض من غير نموذج محدد. فقد أتاحت البيانات الضخمة والمفتوحة عدداً لا نهائياً من السيناريوهات والبدائل التي يمكن تجريبُها وتشغيلها، بحيث يكون مديرو ومنفذو ومصممو السياسات والأفكار قادرين على تفكير وتخطيط منظومي واسع يتيح وضع جميع المشكلات موضع تفكير وتفاعل، ولجميع الحلول أن تكون متاحةً. كما تنشئ البيانات الضخمة تفاعلات جديدة ومفتوحة، ومن خلال ذلك ينشئ الفاعلون الاجتماعيون مسارات متعددة للعمل، لدرجة أنه لن يكون حل واحد نموذجي للمشكلات، وإنما كل مشكلة بذاتها ستنشئ حلاً خاصاً بها أو عدة حلول. 
وعلى سبيل المثال، فإن كل تلميذ يستطيع أن يبسط التحديات التي تعيقه عن التعلم والمشاركة، ويمكن الانتقال من الحلول التقليدية والمؤسسية لضمان مشاركة واستفادة جميع التلاميذ إلى حلول واقتراحات بلا حدود تمكِّن كل تلميذ، مهما كانت حالته الصحية أو النفسية أو الاجتماعية، من المشاركة وفق المعطيات والأفكار والاقتراحات التي يفكر فيها أو يقدمها جميع الفاعلين في الشبكة، وكذا توصيل الخدمات إلى جميع المواطنين، أو أداء الواجبات المستحقة، أو إنشاء تسويات وتفاهمات بين المصالح والأعمال والطبقات ووجهات النظر في المدن والمؤسسات والأسواق.