إنه جانب من عمليات نقل السلطة الرئاسية في القرن الحادي والعشرين لم يستشرفه «الآباء المؤسسون»: ماذا يحدث لحسابات الرئيس في وسائل التواصل الاجتماعي؟ تويتر أعلنت عن تفاصيل الطريقة التي سيتم بها نقل الحسابات الرسمية: @WhiteHouse (حساب البيت الأبيض) و@POTUS (حساب الرئيس الأميركي) و@VPOTUS (حساب نائب الرئيس الأميركي) و@FLOTUS (حساب السيدة الأولى)، إلى إدارة جو بايدن المقبلة، لكن الشركة لم تكشف بعد عن مخططاتها بشأن درة التاج: @realDonaldTrump. 
الدعوات الصادرة من الجمهور لـ«حذف حسابه» ازدادت قوة في أعقاب الهجوم على مقر الكونجرس الذي تسبب فيه يوم الأربعاء، لكن المسألة ينبغي ألا تترك لتويتر. فباستخدامه للإعلان عن قرارات رسمية، تخلى الرئيس عن أي مطالبة بحساب @realDonaldTrump. وبالتالي، ينبغي للحكومة أن تحتفظ بالحساب عندما يغادر الرئيس السلطة، وخاصة بعد أن أظهر الهجوم على مقر الكونجرس أن استخدام الرئيس الخاص للحساب بات خطراً على السلامة العامة. 
فمن حظر الخدمة العسكرية على المتحولين جنسياً، إلى التهديد باستخدام الأسلحة النووية، استُخدم حساب @realDonaldTrump لأهداف رسمية. ومنذ تنصيب الرئيس ترامب، غرّد حساب @realDonaldTrump أكثر من 19400 مرة. وفي الأثناء غرّد حساب @POTUS (حساب رئيس الولايات المتحدة الرسمي) 418 مرة فقط خلال الفترة نفسها، ولم يصدر عنه أي محتوى منذ 2018. بيد أن هذا ليس تمريناً نظرياً فقط، بل هناك مصالح حكومية مشروعة، استراتيجية وأخلاقية وقانونية، تمنع ترامب من أخذ حسابه في تويتر معه إلى حياته المقبلة كرئيس سابق. 
وكصانع سياسات حكومية سابق في هذا المجال، ساهمتُ في جهود على مدى سنوات بوزارة الخارجية، التي تضم أعلى عدد من المناصب المعينة سياسياً مقارنةً بأي وكالة فدرالية أخرى، لمنع المسؤولين الحكوميين من استخدام ألقابهم ومناصبهم من أجل زيادة جمهورهم على وسائل التواصل الاجتماعي. 
أسباب هذا الأمر كانت واضحة. فاستراتيجياً، من غير المنطقي تخصيص عمل يموّل بواسطة أموال دافع الضرائب لرفع عدد متابعي سفير معين سياسياً على وسائل التواصل الاجتماعي، في حين أن الحساب الذي يرتبط به أولئك المتابعون سيخرج من الباب في نهاية المطاف. وفضلاً عن ذلك، فإن اللوائح الأخلاقية تمنع المسؤولين الحكوميين من الاستفادة من المنصب العام بشكل شخصي، في ما عدا الراتب الذي يتقاضونه والمزايا الإضافية التي يتمتعون بها. وهذا ينطبق على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً، مثلما أوضحت الحكومة الفيدرالية. وأخيراً، فإن الحسابات التي تُستخدم للإعلان عن المعلومات الحكومية الرسمية تخضع لشروط الاحتفاظ بالسجلات، كما ينص على ذلك «قانون السجلات الفيدرالي». 
والواقع أن الرئيس لن يكون أول مسؤول حكومي يتخلى عن حسابه الشخصي في تويتر لهذه الأسباب. فهذه نيكي هالي، سفيرة ترامب السابقة إلى الأمم المتحدة، استخدمت أيضاً حسابها الشخصي والسياسي في تويتر للقيام بأعمال رسمية لوزارة الخارجية. وفي الأثناء، اكتسبت قرابة 1.5 مليون متابع، ما يعادل زيادة بثمانية أضعاف بعد نحو 200 ألف عندما تولت المنصب. هذا الأمر دفع مسؤولي الأخلاقيات لإقناعها بالتخلي عن الحساب بعد استقالتها في أكتوبر 2018. ونتيجة لذلك، خضع حساب هالي السابق للأرشفة (أعيدت تسميته بـ@AmbNikkiHaley)، واكتسب حسابها الجديد (الذي حافظ على لقب @NikkiHaley الأصلي) أكثر من 700 ألف متابع. 
إن الحكومة الأميركية لديها مصلحة استراتيجية في الإبقاء على فرق واضح بين السياسة الحكومية الرسمية والاتصالات السياسية والخاصة للعاملين فيها. صحيح أن الغموض قد يخدم المصالح الوطنية أحياناً، لكن ليس حينما يكون ناجماً عن ارتباك داخلي. هذا الأمر فهمه الرئيس باراك أوباما ومساعدوه. إذ أسّست فِرقُه لسابقةٍ مهمة من خلال تخصيص حساب @POTUS على تويتر للمحتوى الرسمي، وذلك بداية من مايو 2015، بينما استخدمت @BarackObama للمحتوى السياسي والشخصي. 
وبالنظر إلى حالات صارخة للسعي وراء المنفعة الشخصية وانتهاكات أخرى للمبادئ الأخلاقية، صدرت لاحقاً، فإن التداعيات الأخلاقية لحساب ترامب على تويتر قد تكون مثيرة للجدل. والحال أن حساباً على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون له قيمة مهمة. ذلك أن عدد متابعي @realDonaldTrump تضاعف أربع مرات إلى أكثر من 88 مليون متابع منذ أن بدأ الحساب نشر معلومات حكومية رسمية في 20 يناير 2017. ونتيجة لذلك، لدى ترامب اليوم واحد من أكبر أعداد المتابعين بين زعماء العالم (السابقين)، فهو الثاني بعد @BarackObama، وسادس أكبر أعداد المتابعة على تويتر على الإطلاق. لذلك لن يُسمح له بالاحتفاظ بمنصته التي بُنيت بمساعدة أموال دافعي الضرائب وامتياز الوصول إلى المعلومات الحكومية، لأنه سيكون في وضع جيد يسمح له بالاستفادة منها كثيراً في مرحلة ما بعد رئاسته. 
وأخيراً، من الواضح أنه من المصلحة العامة الاحتفاظ بحساب @realDonaldTrump على تويتر، سواء المحتوى العام الذي رأيناه جميعاً، أو أي مراسلة غير عامة أُرسلت عبر رسالة مباشرة. ولنتذكر أن ترامب أتى إلى السلطة جزئياً عبر إثارة مشاعر الغضب على خلفية خلط هيلاري كلينتون لاتصالات شخصية ورسمية خلال الفترة التي كانت تشغل فيها منصب وزيرة الخارجية. ولا شك أنها ستكون نتيجة عادلة للرئيس إذا ما احتفظت الحكومة بحساب @realDonaldTrump بناءً على أسباب مماثلة.

جراهام لامبا

مدير الاتصالات الرقمية في «المجلس الأطلسي» ومسؤول سابق بوزارة الخارجية الأميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»