في قرارين متتابعين، تدرج الخارجية الأميركية جماعة «الحوثي» المسلحة على قوائم الإرهاب، بعدما أدرجت قائد مليشيات «الحشد الشعبي» على ذات القائمة التي ضمت كذلك «القاعدة» وجماعة «أبونضال» و«أبوسياف» و«النصرة» و«حزب الله» و«نمور التاميل» و«الحرس الثوري» الإيراني، وغيرهم في قائمة طويلة تتوافق فيها واشنطن مع الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في غالبية تلك التنظيمات، وتختلف الرؤية في تنظيمات أخرى.
هذا الاختلاف وعدم التوافق التام ضمن لعبة العلاقات الدولية والمصالح السياسية هو جوهر المسألة. العامل المشترك بين كل الأسماء الواردة في قوائم الإرهاب المعتمدة أنها مجموعات مسلحة اختارت العنف والسلاح لفرض وجودها السياسي أو الاجتماعي وبسط نفوذها بأي شكل.
وفي عالم جديد له قواعده الجديدة، التي فرضتها ثورة تكنولوجيا المعلومات وقد جعلته عالماً بصيغة مدينة واحدة شاسعة المساحة واسعة التعددية، فإن الأجدى اليوم أن يتفق العالم بمجتمعه الدولي والأممي على قائمة موحدة للإرهاب، لا تدخل فيها فذلكات التعريفات المحددة والمشتتة، بل الاتفاق «الأممي» الملزم بأن أي جماعة أو فصيل أو مجموعة تحمل السلاح، فهي منظمة إرهابية يتم تجريمها وإدانتها وملاحقتها.
أي جماعة بلا استثناء، فالبشرية اليوم ملزمة بأن تتعلم درسها التاريخي الذي خاضته في كل العصور السابقة منذ بدأت الدول تأخذ شكلها الحديث.
كل التنظيمات المسلحة كانت بلا استثناء تجارب كارثية ومأساوية تاريخيا، حتى تلك التي رفعت شعارات «وطنية» ونضالية، فإن كل مسيرتها النضالية انتهت باشتعال البارود الذي نسفها وفجرها، ناهيك أن الجماعات المسلحة كلها خصبة الأرحام وقابلة للتفريخ الدموي والتكاثر.
فلنتحدث بالأمثلة لا حصرا لها: الانتفاضة الفلسطينية الأولى نهاية عام 1987، كانت انتفاضة مقهورين تحت الاحتلال العسكري حينها، واستطاعت صورة الحجر في يد الفتى الفلسطيني المواجه لدبابة أن تأخذ تعاطف العالم كله وتزرع بذور مراجعة ذاتية أنتجت فريق سلام حقيقي في إسرائيل.
تسلق تلك الثورة السلمية منتهزو الثورات وقطاع الطرق بعد نشوء «حماس»، وتداول السلاح ليصبح قتلاً وإرهاباً لا ضد الإسرائيليين وحسب، بل ضد «الشقيق» الفلسطيني نفسه.
وكذلك مثالاً لا حصراً، كثير منا يتذكر الصومال برئاسة الراحل محمد سياد بري، كان رئيساً ديكتاتورياً اختار لدولته معسكر الشيوعية، وحكم بلاده بقسوة واستبداد.
قامت الثورة على سياد بري عبر جماعات مسلحة يقودها محمد فرح عيديد، تلك الجماعات طردته من السلطة، وانهارت الدولة «لأنها دولة استبداد هشة»، ودخلت الصومال حروب عصابات محلية مسلحة لينتهي خراباً يسوده الجهل.
 في كمبوديا، في فيتنام، وفي كل بقعة حملت فيها تنظيمات السلاح، ستجد محدثي النعمة من أغنياء الحروب، وقد كانوا لصوصاً وخارجين عن القانون، يزداد ثراؤهم بمستوى الدم المسفوح، وفي عالمنا العربي ينتهي «مناضلو السلاح»، رجال أعمال واستثمار ومضاربين أشاوس في البورصات، وبعض الجماعات تكتسب الخبرة الكافية لتتحول إلى بنادق مؤجرة ومرتزقة. حان الوقت لعالمنا المستجد والجديد أن يقرر مرة واحدة قراراً حاسماً بتجريم أي جماعة مسلحة ووصف أنصارها بالإرهاب، أي جماعة بلا استثناء.
*كاتب أردني مقيم في بلجيكا