كان مجلس التعاون لدول الخليج العربية ولا يزال إطاراً للتضامن والتعاضد بين دول الخليج، من أجل أن يعم الخير هذه المنطقة، وكي تستمر مسيرة الخير. 
في قمة العلا عادت المياه لمجاريها بين أبناء الخليج العربي الواحد، والتي مهما طالت مدة الخلاف بينها، ومهما زادت تعقيداً، فإنها في النهاية، لا مناص لها من أن تعود. العلاقات بين دول المجلس قائمة على أسس راسخة من المصير الواحد والمستقبل الواحد. فليس لأبناء الخليج العربي خيار سوى التكاتف والتضامن. فأعضاء الجسد الواحد يمكنها أن تتصارع لكنها بالنهاية تعمل وفق مصلحة واحدة، ودول الخليج كما هذا الجسد الذي تمر عليه الكثير من الاختلافات وغيرها.. ولكنها تعود لمصلحة واحدة مشتركة.
تجارب السنوات الماضية وعلى مدى عقود مضت، تعايشت خلالها دول الخليج مع العديد من الأحداث، مروراً بالحروب التي اندلعت بمنطقة الخليج والتوترات التي عصفت بالمنطقة العربية عموماً، أثبتت دول مجلس التعاون الخليجي صلابة وأصالة معدنها وصمودها في وجه أي تحديات مهما كانت.. وخرجت منها أقوى مما كانت بدءاً من حرب الخليج الأولى والثانية، ومروراً بالتهديدات الإقليمية في منطقة الخليج العربي. قادة دول الخليج أثبتوا خلال الأزمات وحدة الصف والدفاع عن مصالح شعوبهم من خلال رؤى موحدة. 
وحدة الصف والمصير المشترك لدول الخليج تفرض على تلك الدول التكاتف لمواجهة القادم من الأيام، وأيضاً مواجهة الكثير من الأخطار التي تواجه المنطقة بدءاً من الإرهاب والتطرف والغلو في الدين من قبل بعض الجماعات الضالة، وانتهاءً بمواجهة الظروف غير الطبيعية والجديدة كلياً، ونعني بها الجائحة العالمية التي فاجأت العالم عبر هجومها عليه دون سابق إنذار، وعطلت الحياة الطبيعية فيها. فهذا التحدي يدفع دول المنطقة في اتجاه التكاتف لمواجهته، ومن ناحية أخرى نقول إن الخلافات مهما طالت في منطقة الخليج العربي.. فهي لا تعدو سحابة صيف عابرة. ومن ناحية أخرى، لا بد من الإشارة هنا إلى نقطة لها أهمية كبرى تتمثل في رغبة القادة في دول الخليج العربية وحرصهم الشديد على تفضيل مصلحة الشعوب في كثير من المواضع إبان الخلاف الذي امتد لأكثر من 3 سنوات مضت. 
أما الآن وبعد تلك الصفحة التي طويت، نأمل أن تتم تسوية كافة القضايا العالقة في أقرب فرصة. ونوجه نداءنا المخلص هنا لقادة دول مجلس التعاون الخليجي للتصدي لأي محاولة قد تظهر لإثارة أي خلاف لا سمح الله ومحاصرتها بكل عزم، فالمرحلة القادمة من عمر المنطقة تتطلب هذا التضامن وذلك بالنظر لأننا نعيش في عالم التكتلات والتجمعات الإقليمية. ومن مصلحة دول المنطقة التكاتف والعمل لما فيه مصلحة شعوبها بعيداً عن أي خلافات واختلافات. كما لا يفوتنا القول إن المرحلة المقبلة تتطلب تعزيز القوى وتوحيد الصف الخليجي. ونتائج قمة العلا تؤسس- بلا شك- لمرحلة جديدة أخرى من عمر المنطقة، لاستكمال مرحلة البناء والعطاء.
وقادة دول مجلس التعاون الخليجي قادرون ولديهم الكفاءة الكاملة والاستعداد الكامل لمواجهة هذه المرحلة والسعي لإعداد كل ما يلزم لاحتوائها. كما لا يفوتنا الإشادة بالجهود المخلصة لصاحب السمو الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر، طيب الله ثراه، في السعي الدائم للتوفيق ورأب الصدع، واستكمل هذا الدور الكبير من قبل أمير الكويت صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، حيث كانت جهوده مكملة ومتممة، وأفضت إلى عودة العلاقات بين الإخوة.. وختاماً نسأل الله أن يديم المحبة والتواصل بين أبناء الخليج الواحد.. لكي تستمر مسيرة التعاون دائماً وأبداً.

*كاتب كويتي