بعد أن اكتشفت الشرطة جثة «هونج نجوين» في صندوق سيارة في وقت سابق هذا العام، في أحد أحياء نيو أورليانز بولاية لويزيانا، حامت الشبهات حول شقيقها. فبعد أن رصدته كاميرا مراقبة خارجاً من سيارة شقيقته في الليلة التي اختفت فيها، وُجهت الاتهامات للشقيق «هوا نجوين» الذي إذا أدين سيقضي بقية عمره في السجن. والمأساة فردية، لكنها تمثل جزءاً من عنف المسدسات المتصاعد من نيو أورليانز إلى لوبوك في تكساس. وشهدت نيو أورليانز صعوداً في معدلات القتل بما يزيد على 50% هذا العام، صعوداً من مستوى قياسي منخفض لعمليات القتل عام 2019. ونيو أورليانز لا تمثل استثناء.ً فقد تضاعف معدل القتل بين عامي 2019 و2020. 
ومن المؤكد أن الجريمة إجمالاً انخفضت بشكل كبير في الولايات المتحدة منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي. وقد أشار ريتشارد روزنفيلد، المؤلف الأساسي لتقرير جديد بعنوان «الجائحة والاضطراب الاجتماعي والجريمة في المدن الأميركية»، إلى أن معدل القتل في 2020 «تجاوز معدلات نهاية الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي قبل حدوث الانخفاض الكبير». ويؤكد روزنفيلد، وهو أستاذ فخري وعالم في مجال الجريمة في جامعة ميزوري-سانت لويس أن «هذه الجولة من الزيادة في الجريمة غير مسبوقة». وذكر جيف آشر، محلل شؤون الجريمة في نيو أورليانز، الذي حلل الأرقام، أن 51 مدينة من أحجام مختلفة على امتداد الولايات المتحدة شهدت قفزة بنسبة 35% في المتوسط لحالات القتل بين عامي 2019 و2020، في تطور «مروع تاريخياً». وتوصلت دراسة أجريت على 21 مدينة أميركية إلى زيادة بنحو 610 حالات قتل في هذه البلديات هذا العام عن العام الماضي. وفي هذه المدن، زادت الاعتداءات بالأسلحة النارية 10% عما حدث في عام 2019. 
ولا تمايز بين الحزبين في هذه الجرائم. فالقتل، مثل الوباء، لا يميز على أساس الانتماء السياسي. فرؤساء البلديات «الديمقراطيون» شهدوا الزيادة نفسها في العنف القاتل الذي شهده رؤساء البلديات الجمهوريون. وطلب مساعدة الشرطة وعمليات الاعتقال في مدن مثل نيو أورليانز انخفض في عام الجائحة، لكن تقلُّص رصد الحالات قد يكون أحد عوامل هذا الانخفاض. والسرقة من المتاجر من بين الجرائم غير العنيفة التي شهدت تصاعداً. 
وهناك نحو 54 مليون أميركي يواجهون الجوع هذا العام، بزيادة نحو 50% عن عام 2019. وأدى معدل البطالة المرتفع وانتهاء المساعدات الاتحادية في الجائحة والافتقار النسبي لشبكة الأمان في الولايات المتحدة.. إلى معدلات مرتفعة من اليأس، وفقاً للخبراء. وقد وقع المزاج القومي تحت ضغط الآثار المؤلمة للجائحة واستنكار الناخبين للرئاسة التي عصفت بالأعراف. وأشارت بعض الأبحاث إلى زيادة طارئة في استخدام الأسلحة ضد الآخرين نتيجة تزايد معدلات شراء الأميركيين لهذه الأسلحة. وأشار روزنفيلد إلى أن أكبر صعود في عنف المسدسات حدث في أسابيع من الاضطراب الاجتماعي نهاية الربيع وفي الصيف بعد قتل شرطة مينابوليس لجورج فلويد. 
وهناك أدلة تشير إلى أن معظم العنف يحدث في أحياء الطبقة العاملة الأفقر التي نالها أكبرُ الضرر من الركود الاقتصادي للجائحة ورد الفعل الشديد على الدعوات المطالبة بإصلاح الشرطة. ويرى آشر، في نيو أورليانز، أن الناس حين يعتقدون بأن الشرطة لن تكون حكَماً طبيعاً، «يتولون بأنفسهم الأمور على الأرجح ويحدث القتل القصاصي». وترى كيم ديفيس، وهي باحثة في جامعة أوجوستا في جورجيا، أن القتل معتاد في الغالب ويحدث بين أشخاص يعرفون بعضهم بعضاً، ونتيجة الإهانات والاستياء الناتج عن تأثير الكحول والمخدرات الأخرى التي زاد تعاطيها أثناء الجائحة. وتؤكد ديفيس، المتخصصة في علم اجتماع وتدرس جرائم العنف، أن فساد العلاقات بين الأشخاص قد يتفاقم نتيجة تحولات أكثر شمولاً مثل وقوع أزمة صحية نادرة الحدوث أو انتخابات مريرة يتعرض فيها الانتقال السلمي للسلطة لتهديد. وترى أنه «حين تكون أعراف المجتمع وقيمه في حالة سيولة أو في تلاش وتفكك، لا يعرف الناس الطريقة التي يتعين عليهم التصرف بها. وغياب الأعراف يدفع إلى الاعتقاد بأن لا شيء يهم». وهذا الواقع الفريد يجعل الباحثين يأملون في أن يكون عام 2020 شذوذاً عن القاعدة. 
ويوصي روزنفيلد، الأستاذ بجامعة ميزوري-سانت لويس، بأن تكون «استراتيجية تقليص العنف هي الأولى والأبرز لإخضاع الجائحة. والثانية هي تعزيز نشاط الشرطة الذكي. والثالثة هي الجدية في فهم جوهر إصلاح الشرطة، لأنها إذا لم تستطع إصلاح العلاقات مع المجتمعات في المدن التي شهدت هذا الارتفاع في الجريمة، لا أعتقد أن يدوم طويلاً أي تقلص في الجريمة نتيجة تعزيز الشرطة».

*مراسل «كريستيان ساينس مونيتور» في أتلانتا
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»