تمر نيبال بأزمة سياسية. بدأت الجولة الجديدة من عدم الاستقرار السياسي بعد أن أوصى رئيس الوزراء النيبالي «شارما أولي» بحل البرلمان قبل عامين من ولايته البالغة خمس سنوات. وقرر التحرك نحو حل البرلمان خوفاً من اقتراح بحجب الثقة وسط صراع داخلي في حزبه. وجاءت هذه الخطوة بسبب الخلاف بين الفصيلين داخل الحزب الشيوعي النيبالي، وهو حزب موحد من القوى اليسارية تم تشكيله عام 2018.
وكانت الصين، وليس الهند، هي التي شاركت في توحيد القوى السياسية النيبالية عام 2018، وتحاول الآن مرة أخرى منع انقسام الحزب الشيوعي النيبالي، الذي تعتبره مفتاح نفوذها في ذلك البلد. كان وفد رفيع المستوى من الحزب الشيوعي الصيني في نيبال يتحدث إلى جميع القادة السياسيين فيما يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه محاولة لمنع الانقسام داخل الحزب. في حين أن الانقسام في الحزب يبدو الآن وكأنه أمر مفروغ منه، غيرت بكين أيضاً استراتيجيتها، وهي تتواصل مع قادة مثل رئيس حزب «المؤتمر» النيبالي «شير بهادور ديوبا»، الذي يُنظر إليه على أنه يتمتع بصلات وثيقة مع الهند.
خلال الأزمة، واصلت الهند مراقبة التطورات حتى مع إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع جميع القادة السياسيين. ووصفت الهند التطورات في نيبال، الدولة التي تتذبذب علاقاتها معها، بأنها «شأن داخلي» كما لم تقدم الهند أي بوادر علنية لأنها غالبا ما كانت تُتهم في الماضي بالتدخل في الشؤون الداخلية لنيبال، وكانت متورطة في السياسة الداخلية لنيبال على حساب مكانتها في البلاد.

من الممكن أن تشهد الأزمة في نيبال بالتأكيد تغييراً في علاقات نيبال مع جيرانها الأكبر اعتماداً على التدابير الجديدة التي يتم اتخاذها. ولا يخفى على أحد أن الصين تؤيد وجود حكومة تقودها الأحزاب الشيوعية. وأحد مقاييس الأهمية المتزايدة للصين في نيبال هو إدخال لغة «الماندرين» في المدارس كلغة إلزامية. 
وقد شهدت العلاقات بين نيبال والهند العديد من التقلبات، لا سيما مع محاولة نيبال التخلص من اعتمادها على الهند منذ عام 2016، عندما أدى حصار المعابر الحدودية الرئيسية من قبل الهند إلى نقص في الوقود والأدوية والمواد الأساسية الأخرى. وتراجعت العلاقات أيضا في وقت مبكر من هذا العام بعد اشتعال الأوضاع على الحدود. وكانت نيبال قد اعترضت على افتتاح طريق يربط بين مركز تجاري رئيسي لطرق التجارة عبر جبال الهيمالايا. ووصفت نيبال استكمال هذا الطريق من قبل الهند، والذي يبعد بمسافة أربعة كيلومترات عن حدود الصين، بأنه «عمل أحادي الجانب» وأنه «يتعارض مع التفاهم الذي تم التوصل إليه بين البلدين» ويقوض سيادة نيبال. وعلى الرغم من ذلك، تمكن البلدان من إعادة العلاقات إلى المسار الصحيح وسط تواصل دبلوماسي شمل زيارة وزير خارجية الهند إلى نيبال. ومع ذلك، لا تزال الهند تمارس نفوذها في نيبال.
اللافت أن أكثر من 90 في المئة من الاستثمار الأجنبي المباشر في نيبال يأتي من الصين. من ناحية أخرى، تعد نيبال أيضا جزء من «مبادرة الحزام والطريق» الصينية، وهي استراتيجية عالمية لتطوير البنية التحتية، والتي تشمل مشاريع ربط السكك الحديدية والطرق. من الواضح أن الهند ليس لديها أموال مثل الصين للاستثمار في نيبال. لكن الهند لا ما زالت تتمتع بعلاقات قوية مع النيباليين، وتربطها بهم علاقات ثقافية. في إطار ذلك، يمكن للناس التحرك بحرية عبر الحدود. هذا بالإضافة إلى أن القوة الناعمة للهند واضحة جدا في نيبال.
*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي