وجّهت رغد صدام حسين كلمة مسجلة للعراقيين، بمناسبة مرور 14 عاماً على عملية إعدام والدها الرئيس السابق صدام حسين. الكلمة جاءت كسابقاتها من الكلمات التي وجهتها رغد للعراقيين في مناسبات مختلفة. النغمة نفسها والمحتوى نفسه. ما اختلف هذه المرة هو الإشارة إلى نائب رئيس الجمهورية السابق عزت الدوري الذي تقول الأخبار إنه توفي قبل شهرين.
اختارت رغد المفردات التي كانت رائجة في وسائل الإعلام العراقية إبان حكم والدها. أدخلت بين كل جملة وأخرى كلمات مثل الشجعان، والماجدات، والحرية، وأشرار الأرض، وبطل الأمة، وعمود الخيمة العربية، ويقظة الشعوب، والشر والطغيان، وغيرها من الكلمات ذات الرنين العاطفي. 
تحدثت رغد هذه المرة، وكل مرة، وكأنها تعيش في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. ضغطت على الحروف على أمل أن تخرج منها رصاصة تشعل ثورة! ولجأت إلى الكلمات المشتعلة، لعلها تُعيد لها وطناً.
تريد رغد الرجوع بالعراقيين إلى نفس الأجواء السياسية التي كانت قائمة أيام حكم أبيها، وتحتج، كما يظهر من خلال رسالتها، بأن العراقيين جميعاً، المحبين لوالدها وغير المحبين، يتمنون في هذه الظروف الأمنية العصيبة، العودة إلى زمن أبيها ليستظلوا تحت شجرة الأمن والأمان التي كانت تظلل الجميع، وأقصد بالجميع أولئك الجالسين على طرف الجغرافيا والتاريخ، الذين لا يتعاطون الشأن العام ولا يتكلمون في السياسة ولا ينتقدون الحزب الحاكم، الواقفين خلف بطل الأمة وعمود الخيمة العربية الصلب، الكافرين بقوى الشر والطغيان والإمبريالية، والمؤمنين بصدام حسين فقط!
لكن السؤال يبقى: هل تعي السيدة المصونة رغد صدام حسين أن هذه اللغة الثورية لم يعد لها مكان في التاريخ الحديث؟ وهل تدرك أن مفاهيم الشباب العراقي الذي بيده رسم مستقبل البلاد لا تتناغم مع طريقة التواصل هذه؟
صحيح أن العراقيين في الوقت الحالي يحتاجون لرجل قوي يعيد بناء هيبة بلدهم داخلياً وخارجياً، وصحيح أن هذا الرجل لن تأتي به أميركا أو إيران أو حتى صناديق الاقتراع، بل ستأتي به قوة داخلية تفرض نفسها بقوة السلاح على الجميع، وصحيح أن الرجل المستبد العادل هذا يحتاج لسنوات طويلة في الحكم كي يعيد ترتيب العراق من جديد، صحيح كل ذلك، لكن من المؤكد للجميع، بمنْ فيهم الشباب العراقي القادر على التغيير، أن هذا الرجل لا يجب أن يحمل صفات صدام حسين.
ربما كان والد السيدة رغد محقاً في ثورته الأولى. ربما كان بالفعل يريد أن يخلص العراق من الفوضى التي جاء بها العسكر المنقلبون على الملكية، لكنه للأسف سقط  في شراك السلطة المطلقة والرأي الأوحد.
العراق، يا رغد، يحتاج حاكماً قوياً، يحكم بالقبضة الحديدية، لكن ليس ليبقى أبد الدهر، وإنما ليبني فيه الآليات التي تنقله بسلام إلى نعيم الحكم الرشيد. العراق يريد «سوار الذهب» جديداً، يأتي مستبداً، ثم يذهب بطلاً.
*كاتب سعودي