يُنظر إلى الطلبة في دولة الإمارات العربية المتحدة بوصفهم جيل الغد الصاعد الذي يحتاج إلى الدعم المستمر ويستحق الرعاية، الأمر الذي يجعل المؤسسات المختصة فيها تحرص على استحداث برامج تدريبية تنمّي مهاراتهم المعرفية والعلمية في المجالات كافة، ليكونوا قادرين على التأثير في حياتهم ومحيطهم، ويصبحوا أعضاء فاعلين في شتى الصعد التي تتطلب التغيير، بما يواكب التطور والتقدم التقني والتكنولوجي، ويرسّخ فكرة المواظبة على العمل للوقوف باقتدار أمام أي تحدّيات أو تغيّرات تطرأ على واقعهم ومستقبلهم التعليمي والمهني.
وانطلاقاً من أهمية تطوير المهارات والمعارف للطلبة، تطلق وزارة التربية والتعليم، اليوم الإثنين، وبالشراكة مع شركة «إيدج»، برنامجَ «صناع التغيير» عن بُعد، الذي يستهدف أبرز العقول من طلبة الجامعات، ونخبة منهم في 6 مجالات، وذلك عبر تنظيم سلسلة من البرامج التدريبية التخصّصية الموجّهة لتنمية مهاراتهم وتعزيز معارفهم، بهدف نشر آخر الابتكارات ومستجدات البحوث في مجالات الاستدامة والدبلوماسية والتكنولوجيا والفضاء والزراعة والصحة، بما يهيّئ الطلبة ويمكنهم من الاستجابة لمتغيرات سوق العمل، ويسهم في تنمية المعرفة في مجالات عدّة، أبرزها: الاقتصاد وتنمية المجتمع والتعليم، التي تنسجم مع خطط الدولة واستراتيجياتها التنموية.
مجال التكنولوجيا الذي يعدّ المجال الأول من سلسلة برنامج «صنّاع التغيير»، الذي تهتم وزارة التربية والتعليم في إطلاقه من 27 ديسمبر الجاري إلى 7 يناير المقبل، ينطلق من الأولوية التي تعمل عليها دولة الإمارات اليوم في تحقيق مستهدفاتها في مجالات الذكاء الاصطناعي وأعمال الأبحاث والتطوير، وذلك سعياً إلى تعزيز المعرفة والمهارات المتقدّمة لدى طلبة الجامعات في هذا القطاع الحيوي، باعتباره من أهم القطاعات التي ترسم ملامح المستقبل في القطاعات الحيوية على اختلافها، والتي تَلزم لترسيخ مكانة الدولة التنافسية، وتعزيز صدارتها العالمية في المؤشرات التنموية المختلفة.
كما يدخل اهتمام دولة الإمارات، ومن خلال وزارة التربية والتعليم، في تنمية المهارات التقنية والمعرفية لدى طلبة الجامعات، انسجاماً مع رؤيتها الخاصة بالتحول إلى اقتصاد معرفي يقوم على المرونة والابتكار، والتركيز على أصحاب العقول والكفاءات وأصحاب المهارات المتميزة، الذين توليهم جلّ الاهتمام، للعمل في قطاع التكنولوجيا المتقدمة، التي يشترط الانخراط فيها أن يمتلك هؤلاء الشباب مهارات نوعية تنسجم مع معارفهم، وتكرّس في نفوسهم مواصلة الطموح والمثابرة التي تحقّق لهم الطموحات، وتمكّنهم من الدخول إلى سوق العمل بفاعلية وتأثير.
ولا ينفصل اهتمام وزارة التربية والتعليم بتنمية مهارات أصحاب العقول من طلبة الجامعات عن الاستراتيجية العامة التي تعمل دولة الإمارات على تحقيقها في مجال تنمية مهارات الشباب وتمكينهم من الاستعداد للمستقبل بكفاءة ونجاح، فالواقع الإنساني بات في حالة من التغير السريع والمستمر، والتحدي الرئيسي لهؤلاء يكمن في تسليحهم بالمهارات التي تهيّئهم للمستقبل، وأبرزها تعلّم طرق التفكير النقدي مع الظواهر المحيطة، وامتلاك آليات مدروسة في قيم التفاعل والمرونة، والانخراط بكل ما تعمل الدولة والمؤسسات على تحقيقه في الصعد كافة، حتى لا يكونوا منسلخين عن واقعهم، ويستعدوا في الوقت نفسه لمستقبلهم العلمي والعملي، الذي يتصل مباشرة بمستقبل البشرية كلها، وبما تفرضه الثورة الصناعية الرابعة من واقع مملوء بالفرص والتحديات.
لقد أدركت دولة الإمارات مبكراً أنه وبمقدار ما حققته التطورات التقنية والتكنولوجية من فوائد للبشرية، فإنها ستضع أمام جيل اليوم والغد مجموعة من التحديات، سيرتبكون أمامها ما لم يكونوا مستعدين لها، الأمر الذي يتطلب منهم اكتساب مهارات جديدة تجعلهم قادرين على التعامل مع التطور العلمي بكفاءة، وتأخذ بهم قُدُماً باتجاه التعامل الخلّاق مع التطور التكنولوجي الهائل، الذي إن أحسنوا التعامل معه، فإنه سيفتح أمامهم آفاقاً جديدة وفرصاً واعدة في وظائف المستقبل، وخاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والأتمتة، والواقع المعزز، وتحليل البيانات.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية