يحتل مفهوم التنمية واستثمار الطاقات والقدرات البشرية وإعدادها للمستقبل موقعاً محورياً في الشراكات التي تعقدها دولة الإمارات العربية المتحدة. وتستند دولة الإمارات إلى قائمة طويلة من النجاحات في هذه المجالات، وما يتصل بها من التخطيط الاستراتيجي والأداء الحكومي المتميز والتدريب الفاعل، والقدرة على طرح المبادرات وتنفيذها من خلال آليات متطورة ومبتكرة. وقد تجسّد ذلك في عدد كبير من الشراكات الاستراتيجية التي عقدتها الدولة مع دول عربية وعالمية، وأسفرت عن تحقيق نتائج مهمة ذات تأثير إيجابي كبير في هذه البلدان الشقيقة والصديقة.
ويمثل حفل التكريم الذي عُقد افتراضياً، يوم الاثنين 21 ديسمبر 2020، لتكريم خريجي الدفعة الأولى من مبادرة «مليون مبرمج أوزبكي»، التي تندرج ضمن مخرجات «الشراكة الاستراتيجية في التحديث الحكومي بين الإمارات وأوزبكستان»، نموذجاً لهذه النجاحات التي تدعم مسيرة التنمية المستدامة، وتتيح فرصاً للعمل والتطور المهني في قطاع حيوي ونامٍ ومتطور، هو قطاع التكنولوجيا، وتزيد من التفاؤل بالمستقبل والثقة بأنه يحمل الكثير من الفرص.
وقد أوضح معالي محمد عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، الذي حضر الحفل الافتراضي، فلسفةَ دولة الإمارات في هذه الشراكة، بقوله: إن الدولة «حريصة على نقل تجاربها المتميزة في العمل الحكومي إلى الدول الشقيقة والصديقة، لخير المجتمعات والشعوب». وأدت السمعة العالية لدولة الإمارات، وما تحظى به مبادراتها من مصداقية واحترام، إلى إقبال غير مسبوق على التقدم لهذه المبادرة من جانب شباب أوزبكستان، حيث سجَّل فيها أكثر من 100 ألف متدرب ومتدربة، ونجح 27 ألفاً منهم في اجتياز الدورات التدريبية.
وتظهر أهمية هذه الفعالية الناجحة في حرص عبدالله أريبوف، رئيس وزراء جمهورية أوزبكستان، على المشاركة فيها، وإشادته بثمار الشراكة الاستراتيجية التي وقعتها دولة الإمارات مع بلاده في أبريل 2019، وبالجوائز التي حصل عليها الخرّيجون، حيث فاز أفضل 150 خرّيجاً بمنحة «نانو ديجري»، المعتمدة دولياً في مجال البرمجة، وحصل أوائل الخريجين على جوائز نقدية تبلغ قيمتها 100 ألف دولار. 
وقال رئيس الوزراء الأذربيجاني، في كلمة خلال الحفل: إن «الجائزة تسهم في دعم الاقتصاد المعرفي، وتوفر فرصاً جديدة لتوظيف أفكار الشباب وأصحاب العقول والإبداعات في دعم مسيرة تطوير العمل الحكومي في أوزبكستان، وتقديم أفضل الخدمات لتسهيل حياة الناس».
ولعل مما يلفت النظر في «الشراكة الاستراتيجية في التحديث الحكومي بين الإمارات وأوزبكستان» هو تطورها السريع ومخرجاتها الكبيرة، فقد وُقعت اتفاقية الشراكة في أبريل 2019، وكانت تضم 17 محوراً و57 مبادرة للتعاون المشترك عام 2019، تطورت لتضم 26 محوراً و147 مبادرة للتعاون في مجالات التحديث الحكومي العام الحالي. وفي أبريل 2020، بعد عام واحد من توقيع المبادرة، أسفر التعاون المشترك عن تدريب أكثر من 1500 موظف في حكومة أوزبكستان، تلقَّوا 29 ألف ساعة تدريبية قدَّمها نحو 50 مدرباً، وتنظيم 35 زيارة متبادلة تضمّنت عقد أكثر من 100 اجتماع بين فرق العمل في البلدين.
إن مبادرة «مليون مبرمج أوزبكي» التي أُطلِقت عام 2019، تُحيل بشكل مباشر إلى مبادرة «مليون مبرمج عربي» الرائدة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، وأشكال التحفيز المختلفة التي استخدمتها، وبنيتها التنظيمية المُحكمة، في إشارة إلى قدرة الأفكار والمبادرات الجيدة على التفاعل والانتشار والتأثير الإيجابي الممتد في دولة الإمارات، بالنظر إلى وجود البيئة الصالحة لانتقاء أفضل الممارسات وتطويرها، وتوسيع نطاق استثمار فوائدها.
ومن جهة أخرى، فإن الشراكات التي تحرص الدول الشقيقة والصديقة على عقدها مع دولة الإمارات من أجل التحديث الحكومي، وهي شراكات يتزايد عددها باطِّراد، تعكس الموقع المتقدِّم الذي تحتله الدولة في هذا المجال، بوصفها موقعاً لإنتاج المعرفة الرفيعة وتصديرها، ونجاحها في أن تصبح نموذجاً ملهِماً للدول والشعوب التي تتطلع إلى تحقيق أهدافها في التطور والتنمية.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.