منذ بداية أزمة ظهور فيروس «كورونا» المستجد، وتحوله إلى وباء عالمي، تقف دولة الإمارات العربية المتحدة في خط الدفاع الأول في مواجهته والحدّ من تداعياته ليس على المستوى المحلي فقط، بل على المستوى العالمي، وتقدم كلّ يوم إسهامات جديدة ومتميزة في مسيرة الانتصار على هذا العدو الخفي الذي نشر الخوف بين الناس في كل أصقاع المعمورة وفرض عليهم أنماطاً جديدة من السلوك وأشكالاً لم يعتادوها في طقوس علاقاتهم الاجتماعية، وأربك أنشطتهم كافة وعطّل مصالحهم ومصادر رزقهم.
ففي الوقت الذي انكفأت فيه معظم دول العالم على نفسها وأغلقت حدودها وانشغلت بنفسها، بل وارتبك الكثير منها في كيفية التعامل مع الموقف الذي فرضه هذا الظرف المستجد، انطلقت دولة الإمارات كما هي عادتها بثقة وأمل وتفاؤل بأن المستقبل مشرق والقادم أجمل، وباتزان ورباطة جأش ينبعان من وضوح الرؤية والثقة بالنفس، لمساعدة الدول والشعوب في مواجهة هذه الكارثة، والوقوف إلى جانب كل من يحتاج إلى الدعم أياً كان لونه أو دينه أو عرقه، وأطلقت جسراً جوياً لنقل المساعدات الطبية والوقائية اللازمة لتحصين الأطباء والممرضين والعاملين في القطاعات الصحية وحمايتهم من العدوى، ليتمكنوا من أداء الدور المُلقَى على عواتقهم في محاصرة المرض والسيطرة عليه. 
وضربت دولة الإمارات أروع الأمثلة في تأكيد التضامن الإنساني والتآخي بين الدول والشعوب على قاعدة أنّ الجميع على هذا الكوكب شركاء متضامنون ومتكافلون في حمايته من كل ما يهدِّد أمن وسلامة الحياة عليه، وأن الأمراض والأوبئة على وجه التحديد لا تمس دولة أو شعباً أو مجتمعاً بعينه، بل إن ضررها وخطرها عابر للحدود والقارات والشعوب، فكانت السبّاقة إلى قرع الجرس والتذكير بأهمية التعاون والعمل الجماعي للوقوف في وجه هذا العدو الشرس الذي لا يفرِّق بين إنسان وآخر، والتكاتف لتجاوز المحنة، وذلك بالفعل لا بالقول حيث حملت طائراتها التي جابت شتى بقاع الأرض مشاعر التضامن والأخوة ونشرت المحبّة ونقلت الدواء ومعدات الوقاية والحماية والعناية وإنقاذ الحياة، في رسالة إنسانية سامية، مفادها أن لصحة الإنسان وحياته قدسية وقيمة لا تعادلها أي قيمة أخرى، وأن الأولوية دائماً في سياسة الإمارات ونهجها هي لحماية الأرواح، والوقوف إلى جانب الإنسان وتحسين ظروف حياته والارتقاء بمستوى معيشته وحمايته من الأمراض والأوبئة وكل ما يمكن أن يهدد سلامته أو ينغّص معيشته. 
ومجدداً، تؤكّد دولة الإمارات ريادتها وقيادتها لجهود التصدي للجائحة ومحاصرتها وتخليص العالم منها، وحرصها على مساندة الشقيق والصديق في المعركة ضدها، وسبقها إلى الاستجابة في المكان والزمان المناسبين، حيث أرسلت في إطار توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة «حفظه الله»، بدعم الدول الشقيقة والصديقة ومساعدتها في التصدي للجائحة، طائرة مساعدات عاجلة إلى الجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة تحمل أكثر من 10 أطنان من الإمدادات الطبية وأجهزة الفحص والتنفس، وفريقاً طبياً متخصصاً لدعمها في احتواء الجائحة، وتعزيز خبراتها وإثراء تجربتها في التعامل مع هذا الوباء. 
هدَّد فيروس «كورونا» الناس بالفناء خصوصاً أنه سريع الانتشار شديد العدوى، وتسبب بخسائر كبيرة في الأرواح، وفادحة على الاقتصادات، وكان يمكن أن تكون نتائجه وخيمة أكثر على الإنسانية، لولا الجهود الخيِّرة والمساعي النبيلة والتعاون الفاعل والصادق الذي أبدته دول العالم لمواجهته، وكانت دولة الإمارات في مقدّمتها وفي موقع القيادة والريادة منها، وهو ما تشهد به جهودها الداعمة للكوادر الطبية حول العالم، ودورها في التوصل إلى لقاحات ناجعة وفاعلة تبشِّر بالخلاص من هذا الظرف العصيب والتعافي وانحسار الجائحة، وعودة الحياة إلى طبيعتها بعيداً عن إجراءات التقييد والحجر والإغلاق.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية