مما لا شك فيه أن جائحة كوفيد- 19 قد أفرزت العديد من النتائج الإيجابية والسلبية على مستوى العالم بشكل عام وفي دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص. فعلى الجانب الإيجابي عالمياً، لاحظنا مدى توحيد الجهود بين أكثر من دولة لدراسة وتحليل الفيروس، وبالتالي اكتشاف اللقاح المضاد له، وهو الذي أثمر مؤخراً عن الوصول لأكثر من تركيبة للقاح في عدة دول والبدء في توزيعه بين شعوب العالم. أما على الجانب السلبي، فالحديث يطول عن الخسائر الاقتصادية الضخمة في العديد من الدول سواء في قطاعات السياحة والنقل الجوي والخدمات والبناء والتشييد أو في سوق العمل وما صاحبه من خسارة الملايين لوظائفهم.
أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فالجوانب الإيجابية تتجاوز بمراحل نظيرتها السلبية، والتي تكاد تنحصر في ضعف ثقافة الوقاية من الإصابة بالفيروس وتجاهل تطبيق الإجراءات الاحترازية الفردية على الرغم من جهود التوعية الصحية بعدة لغات، والتي تنفذها الجهات المعنية منذ مطلع العام الحالي. أما الجوانب الإيجابية التي برزت عند تفشي الجائحة فعديدة وفي مقدمتها نجاح القيادة في استشراف المستقبل من خلال تحديد المخاطر ووضع أفضل خطط الاستجابة لها ومن ضمنها خطر الأوبئة المعدية والذي يشمل فيروسات عائلة كورونا. ومن ضمن أبرز الجوانب الإيجابية لمواجهة الجائحة نجاحُ القطاع الصحي في احتواء الإصابات المتزايدة بالفيروس والجهد الضخم من جانب الكوادر الطبية بما فيها التمريضية. فهؤلاء هم خط الدفاع الأول والأخير أمام مخاطر الفيروس والذين يضحون بحياتهم في سبيل الحفاظ على حياة المصابين. وهذا الأمر يقودنا، مرة أخرى، إلى سياسة التوطين التي تعتمدها القيادة في مختلف قطاعات سوق العمل، ولعل في مقدمتها الآن قطاع التمريض في الدولة. 
والملاحظ أن قطاع التعليم في الدولة يزخر بالكليات والمعاهد الطبية والتي تطرح العديد من التخصصات ومنها التمريض. ومثال ذلك جامعة الإمارات العربية المتحدة و«كلية فاطمة للعلوم الصحية»، وجامعة الشارقة، وجامعة «محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية» ومعهد الرعاية الطبية والتمريض في مستشفى كليفلاند كلينيك أبوظبي. وجميع تلك المؤسسات التعليمية التخصصية تعمل على إعداد وتأهيل الطلبة في موضوعات التمريض ليكونوا الرافد لخدمات الرعاية الصحية للحفاظ على صحة وسلامة أفراد المجتمع. ولكن التحديات التي تواجه عملية التوطين في العديد من قطاعات سوق العمل المحلية تتضاعف عند الحديث على توطين مهنة التمريض والتي تكاد تخلو من العنصر المواطن للعديد من الأسباب على الرغم من الدعم الحكومي اللامحدود. 
ومن أبرز تلك التحديات الخلل في أعداد العاملين في مهنة التمريض بين المواطنين والمواطنات، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة عدد الإناث بصورة ملحوظة مقارنة بعدد المواطنين الذكور. ومن أهم أسباب ذلك الخلل القصور في تركيز النظام التعليمي على إبراز أهمية مهنة التمريض للمواطنين في المراحل الدراسية المبكرة بجانب الضعف الكبير في الحافز المادي بشكل عام للعاملين المواطنين في تلك المهنة. وبالتالي فإن نجاح القطاع الصحي في الدولة في مواجهة جائحة كوفيد المستجد يبرز ضرورة أن تولي وزارتا التربية والتعليم والصحة ووقاية المجتمع بجانب المجلس الوطني للإعلام قضية توطين مهنة التمريض أهمية قصوى في المرحلة القادمة في ثلاثة جوانب رئيسية. الجانب الأول إدراج وحدات دراسية خاصة بالتمريض في المراحل التعليمية المبكرة للمواطنين، والجانب الثاني هو زيادة الحوافز المادية للعاملين في تلك المهنة لجذب أكبر عدد ممكن من الذكور والإناث المواطنين والجانب الثالث يتمثل في تنفيذ حملات إعلامية ممنهجة ومستمرة بين المواطنين لترسيخ أهمية مهنة التمريض لمستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة.