تساءل «فينكاتاكريشنان»، مدير البحث العلمي والشراكات في شركة «إنفرانس» الناشئة للذكاء الاصطناعي عما إذا كان هذا التغيير قد يسمح للفيروس بالعمل كنوع من حصان طروادة. هل يمكن أن يفسر هذا ارتفاع معدلات العدوى والانتقال؟ وربما حتى لماذا يُعاني الأشخاص المصابون بأمراض القلب والأوعية الدموية حالات أكثر شدة، حيث يمكن أن يؤثر الصوديوم على ضغط الدم؟

يتم إنشاء ملايين الجيجابايت من البيانات بسبب الوباء كل يوم في السجلات الطبية، وغيرها من المعلومات عن المرضى المصابين، ونتائج فحوص الدم، والعمر والجنس، والاختبارات الجينية، ومحاولات التدخل، والنتائج. الآن، بعد ما يقرب من 10 أشهر من تفشي المرض، بدأ العلماء في إجراء اتصالات في هذا الخليط من الأحرف والأرقام بمساعدة الذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى نظريات جديدة حول الفيروس وكيفية إيقافه.

في حين أن الدماغ البشري لا يمكنه معالجة سوى قدر كبير من المعلومات في وقت واحد، فإن الآلات تتنبه لإيجاد أنماط خفية في كميات هائلة من البيانات، ويتم نشرها ضد «كوفيد - 19» بطرق تم تخيلها فقط في الماضي. يوجه علماء البيانات الذكاء الاصطناعي لحل بعض أكبر ألغاز فيروس كورونا -لماذا يبدو المرض مختلفاً جداً عند الأطفال مقارنة بالبالغين، وما الذي يجعل بعض الأشخاص «مصدر أكبر لنشر المرض»، بينما لا ينقل آخرون الفيروس على الإطلاق -وأسئلة أخرى أقل أهمية أدت إلى إحراز تقدم طفيف في الفهم.
في جامعة «نورث وسترن»، يجري مختبر للنمذجة عمليات محاكاة واسعة النطاق حول تأثيرات قيود السفر والتباعد الجسدي، على معدلات الإصابة. ويستخدم «مختبر أرجون الوطني» التابع لوزارة الطاقة الأميركية الذكاء الاصطناعي لاستهداف الجزيئات الواعدة لاختبارها في المختبر كعلاجات ممكنة. وفي مصر، يساعد الذكاء الاصطناعي في مكافحة المعلومات المضللة عن فيروس كورونا باللغة العربية.
في أبريل، أكد جهاز الكمبيوتر الذي قام بفرز السجلات الطبية أن نقص حاستي الشم والذوق، كان واحداً من الأعراض المبكرة للعدوى -وهو اكتشاف أثّر على مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها لإضافة فقدان حاسة الشم إلى قائمة الأعراض. في يونيو، وجد البحث العميق في سجلات ما يقرب من 8000 مريض أنه في حين أن نسبة صغيرة فقط لديها جلطات دموية واضحة وكارثية، فإن جميعهم تقريباً لديهم تغيرات مثيرة للقلق في تخثر الدم.
وركز باحثون آخرون على اكتشاف «فينكاتاكريشنان» للتسلسل الجيني المنحرف لفهم كيفية ارتباط الفيروس بالخلايا، واستخدام هذه المعرفة لتطوير أدوية تهدف إلى الحد من انتقال العدوى.
كان أحد أكبر التحديات هو أن الكثير من البيانات تظل معزولة داخل أنظمة الكمبيوتر غير المتوافقة، والمخزنة من قبل المصالح التجارية والمتشابكة في الجغرافيا السياسية. أطلق الباحثون الأكاديميون والجمعيات الطبية والشركات الخاصة جهوداً لمحاولة التغلب على هذه الحواجز من خلال إنشاء قواعد بيانات عملاقة خاصة بهم من السجلات الصحية والبيانات الأخرى -لكن الجهود تسير ببطء.
قال «إسحاق كوهين»، الباحث في هارفارد في المعلوماتية الحيوية، إن العالم لا يتحرك بالسرعة الكافية للاستفادة من قوة السجلات الطبية الإلكترونية والبيانات الأخرى.
في عام 2008، طرحت «جوجل» أداة تعقب للإنفلونزا قالت إنها ستحدث ثورة في استجابتنا للصحة العامة للأمراض المعدية من خلال توقع تفشي المرض قبل حدوثها. في عامي 2014 و2015، تصدرت شركة IBMعناوين الصحف عندما جلبت حاسوب «واتسون» (القادر على الإجابة عن أسئلة يتم طرحها بلغة طبيعية) إلى رعاية مرضى السرطان، ووعدت بأنها ستقلب العلاج من خلال وجود جهاز كمبيوتر يوصي بخطط مخصصة لكل مريض بناءً على تاريخه وبياناته الجينية ومعلومات أخرى. لكن تلك الجهود كانت مبالغة في الوعود، وفشل «عصر الآلة الثاني»، كما أطلق عليه العلماء، في خضم الإخفاقات الفنية، والشك من بعض الأطباء، والصراع بين العلماء حول ما قد يكون الجزء الأساسي من العملية العلمية. لم يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر قبولاً إلا مؤخراً نسبياً كأداة لتحديد «الإشارات» لتوجيه الباحثين، وليس كوسيلة لتوليد استنتاجات نهائية. كان «كوفيد - 19» جزءاً كبيراً من هذا التغيير.