استطاع المجلس الوطني الاتحادي أن يرسخ دوره في الحياة السياسية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وأصبح يقوم بدور متنامٍ على صعيد المهام والاختصاصات الموكلة إليه، سواء كان ذلك على الصعيد الرقابي أم التشريعي. ولا شك في أن هذا التنامي في دور المجلس قد جاء بفعل عاملين أساسيين:
العامل الأول، يتمثل في حرص قيادتنا الرشيدة على دعم المجلس انطلاقاً من حرصها على تفعيل الحياة البرلمانية وإثرائها. وهنا تجب الإشارة إلى أن قضية تطوير المجلس كانت إحدى القضايا الجوهرية في برنامج التمكين لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ومن هذا المنطلق حدثت نقلة نوعية في مسيرة المجلس خلال الفترة الماضية، سواء على صعيد دعم الاختصاصات والمهام التي يقوم بها، أم على صعيد آلية تشكيله من خلال العمل بآلية الانتخاب الجزئي، أم على صعيد زيادة عدد أعضاء الهيئة الناخبة لكي يصبح المجلس أكثر تعبيراً عن الإرادة العامة، وأكثر تفاعلاً مع مطالب مواطني الدولة وقضاياهم الأساسية. 
أما العامل الثاني، فيتمثل في حرص المجلس نفسه على تفعيل دوره وممارسة اختصاصاته بشكل فاعل، بحيث يكون شريكًا أساسيًّا في عملية صنع القرار، في ظل دفع قيادتنا الرشيدة المستمر في هذا الاتجاه، وهو ما وظّفه أعضاء المجلس بشكل جيد لمصلحة قيام المجلس بدور مهم في المجالات كافة، وهو الدور الذي بات يحظى بتقدير كبير في أوساط المجتمع كافة. 
وقد بدأ المجلس دورة برلمانية جديدة يوم الخميس الماضي، فبالنيابة عن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، افتتح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «عن بُعد» دور الانعقاد العادي الثاني للفصل التشريعي السابع عشر للمجلس، وقد جاء ذلك على خلفية إصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، المرسوم رقم (184) لسنة 2020، بدعوة المجلس الوطني الاتحادي للانعقاد بتاريخ 26 نوفمبر 2020، وبعد أن تم افتتاح الدورة، بدأ المجلس فعاليات جلسته الأولى، برئاسة معالي صقر غباش رئيس المجلس، حيث تم انتخاب المراقبين، وفقاً للمادة (84) من الدستور التي تنص على أن يكون للمجلس هيئة مكتب تشكل من رئيس ونائب أول ونائب ثانٍ، ومن مراقبين اثنين، يختارهم المجلس من بين أعضائه، وتنتهي مدة كل من الرئيس ونائبيه بانتهاء مدة المجلس أو بحلّه وفقًا لأحكام الفقرة الثانية من المادة (88)، أما مدة المراقبين فتنتهي باختيار مراقبين جديدين في مستهل الدورة السنوية العادية التالية. وبعد ذلك، قام المجلس بتشكيل لجانه الفرعية، ومنها لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية والطعون، ولجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية، ولجنة الشؤون المالية والاقتصادية والصناعية، ولجنة شؤون التقنية والطاقة والثروة المعدنية، ولجنة شؤون التعليم والثقافة والشباب والرياضة والإعلام، وغيرها من اللجان. 
ومما لا شك فيه أن الدورة البرلمانية الجديدة للمجلس الوطني الاتحادي تحظى بأهمية كبيرة، في ظل الآمال الكبيرة المعقودة عليه والدور المتوقع منه خلال هذه الفترة المهمة من تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة التي تستعد فيها لدخول مرحلة جديدة في مسيرتها الحافلة بعد احتفالها باليوبيل الذهبي لتأسيسها بعد نحو عام تقريباً، وهناك آمال ومشروعات كبيرة تسعى لتحقيقها في نصف القرن المقبل لكي تواصل تحقيق المزيد من الإنجازات وتحقق هدفها الجوهري ضمن مئوية الإمارات 2071، المتمثل في السعي لأن تصبح الإمارات الدولة رقم واحد في العالم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن دولة الإمارات كغيرها من الدول تسعى خلال المرحلة الحالية إلى تجاوز التأثيرات السلبية التي أفرزتها جائحة «كوفيد-19» وقد طورت بالفعل الكثير من الخطط للتعامل مع مرحلة ما بعد الجائحة، ويمتلك المجلس من الصلاحيات والاختصاصات والكفاءات ما يمكِّنه من أن يكون لاعبًا رئيسيًّا خلال هذه المرحلة، وأن ينهض بدوره المنشود على النحو الأمثل.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.