مع أن قمة العشرين تنشغل أساساً بقضايا اقتصادية، فإن الأحداث والعلاقات السياسية تفرض نفسها عليها، إذ أن المجالين لا ينفصلان سواء على مستوى التحليل النظري أو التطبيق العملي. وأعتقد أن هذا التقارب بين الأمرين سيكون حاضراً في القمة المقبلة التي من المقرر عقدها في الرياض يومي 21 و22 من شهر نوفمبر الجاري.
وأعتقد أن العرب لديهم في الوقت الراهن عدة مطالب يمكن تقديمها لهذه القمة المهمة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، أولها مساعدة بعض الدول التي لديها برامج اقتصادية للنهوض على استكمالها عبر الاستثمارات والمعونات أو المساعدات الميسرة، أو على الأقل تكف الدول القوية اقتصادياً عن تعويق هذه البرامج، حيث تعمل على إفشالها كي تظل بلادنا سوقاً رائجاً لبيع منتجات الدول الصناعية الكبرى. وهنا لا بد من إعادة النظر إلى هذه البرامج الإقليمية بوصفها برامج تكاملية مع الاقتصاد العالمي، وليست نوعاً من الصراع الاقتصادي معه.
والثاني هو الأخذ بيد الدول التي تعاني من الاضطراب والانهيار على مستويات عدة مثل سوريا وليبيا واليمن والسودان والعراق، كي تخرج من حالها هذه، عبر خطط ناجعة لتحقيق التوافق السياسي والتماسك الاجتماعي النسبي، الذي يمهد لبدء عمليات إعادة الإعمار.
والثالث يتعلق بالهجرة غير الشرعية، التي من الممكن أن تناقش القمة أبعادها الاقتصادية سواء كانت سعياً وراء الرزق، أو بحثاً عن فرص تحقق في الحياة أو هروباً ونزوحاً من حروب إقليمية ونزاعات داخلية، هي إنْ كانت في حقيقتها نزاعات تنشب لأسباب سياسية، فقد نتجت عنها مشكلات اقتصادية معقدة. 
والمطلب الرابع للعرب هو تخفيف التأثير السلبي للحرب التجارية بين الصين وأميركا على الدول العربية المنتجة للبترول. وهنا من المفيد التوصل إلى صيغة تضمن أسعاراً عادلة للدول المنتجة لهذه السلعة الاستراتيجية المهمة، ويمكن كذلك النظر في تقليل مكاسب أو هامش ربح الشركات التي تعمل سواء في مجالات التنقيب أو التصفية أو الشحن أو غيرها، وقت تعرض أسعار النفط إلى تراجع وانهيار.
أما المطلب الخامس، فيرتبط بمناقشة التأثير السلبي للإرهاب والتعصب الديني والأيديولوجي والمذهبي على الاقتصاد. فالجماعات والتنظيمات المتطرفة تنتهك اقتصاديات بعض الدول، وتعمد إلى إنهاكها واستنزافها، وفي هذا الإطار تستهدف وسائل نقل الطاقة، بما يحقق الضرر بالدول الصناعية الكبرى أيضاً، لذا لا بد من آليات لدعم هذه الاقتصاديات في مواجهة الإرهاب، ومساعدة الدول في الوقت نفسه على مكافحته بطرق ناجعة، ومنها توقف بعض الدول الكبرى عن توظيف التنظيمات المتطرفة ضمن استراتيجياتها في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، وجنوب شرق آسيا أيضاً. على الوجه الآخر، هناك صراعات اقتصادية لا بد من العمل على إطفائها مثل الصراع الدائر في شرق المتوسط على الطاقة، ومواجهة التشدد الإثيوبي في قضية ماء النيل، فحل مثل هذه المشكلات يبدو في يد الدول الكبرى.
ومن الضروري أن يتم التطرق إلى مشكلة الديون الخارجية للنظر في تخفيض فوائد خدمة الدين على الدول المستدينة، بعد ما صارت هذه العملية مرهقة لها، حتى بات يصعب عليها الاستمرار في خدمة الدين المتراكم بلا هوادة. وفي ركاب هذا يمكن النظر، إلى الوجه الآخر من تدفق الأموال، والمتمثل في الصناديق العربية، وبعضها موجود في بلاد غربية، حيث بات من المهم، مع بدء أفول الحقبة النفطية، أن يوظف ما في هذه الصناديق في تمويل مشروعات اقتصادية في البلاد التي تملكها، ودعم الاقتصاديات الضعيفة للبدان العربية عبر الاستثمار كخيار أولي.