خلق فوز مرشح الحزب الديمقراطي جوزيف بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية معطيات جديدة ستنعكس على السياسة الدولية وعلى السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، وخاصة الملف الإيراني، إذ راقبت الأوساط السياسية والشعبية الإيرانية الانتخابات الأميركية باهتمام ملحوظ، على أمل أن يؤدي فوز بايدن إلى تخفيف العقوبات على إيران وإنقاذ اقتصادها من انهياره المتسارع، فانتخاب بايدن قد يسهل على الحكومة الإيرانية الدخول في مفاوضات مع الإدارة الأميركية القادمة، دون الخضوع للإملاءات التي مارستها إدارة ترامب بعد انسحابها من الاتفاق النووي، فالرئيس الأميركي القادم يطرح الحلول الدبلوماسية والتفاوض كأولوية، بما يشمل العودة إلى الاتفاق النووي.
وقد سارعت الأوساط الإيرانية إلى قراءة النتائج التي أفرزتها انتخابات الرئاسة الأميركية، وإلى دراسة التداعيات والآثار الداخلية والخارجية، للعمل على توظيفها سياسياً، على الرغم من تأكيد المرشد علي خامنئي في أكثر من مناسبة على أن إيران لا تعنيها الانتخابات الأميركية، وأنها ستواصل سياساتها بغض النظر عن الرئيس الأميركي قائلاً: «لا يعنينا تغير الأسماء في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وما يهمنا هو السياسة الأميركية»، وكذلك كانت كل التصريحات الصادرة من المسؤولين الإيرانيين تؤكد على عدم الربط بين السياسة الإيرانية ونتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، إلا أن الواقع يشير ويؤكد حجم الارتباط؛ فالأزمة الاقتصادية التي تعيشها إيران كنتيجة لسياسة الضغط القصوى التي مارستها إدارة الرئيس ترامب طوال فترته الرئاسية، والتي تفاقمت مع تصاعد الأزمة الصحية الناتجة عن جائحة كورونا.. سبب دعوة للاهتمام بمخرجات الانتخابات الأميركية.
من السابق لأوانه الحديث عن الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في الثامن عشر من شهر يونيو 2021، لكن من المؤكد أن فوز بايدن سينعكس على ترجيح حظوظ التيارات والشخصيات الموصوفة بالاعتدال في السياسة الإيرانية أو تلك التي توصف بالتطرف، والتي ستدفع باتجاه اختيار الشخصية الأنسب للمرحلة القادمة، وفقاً لأهم ملف من ملفات السياسة الخارجية الإيرانية، وهو ملف العلاقة مع واشنطن، وتحديداً ملف التفاوض والعقوبات، لانعكاسه المباشر على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وعلى الحياة المعيشية للشعب الإيراني، وعلى حاجة إيران الملحة لإحداث تغيير في السياسات التصعيدية دون الظهور بمظهر المستسلم أو الضعيف في مواجهة «الاستكبار العالمي». 
إن انتصار المرشح «الديمقراطي» قد يعطي دفعة معنوية لمواقف الرئيس الإيراني حسن روحاني وفريق التفاوض حول الاتفاق النووي الإيراني، وفيما يتعلق بتفعيل الآليات الاقتصادية الداعمة للاتفاق مع أوروبا، بما في ذلك عودة مبيعات النفط الإيراني للأسواق العالمية، وبالتالي الحصول على عائدات من شأنها أن تحسن الوضع الاقتصادي الإيراني. وتأمل طهران في طرح موضوع رفع العقوبات الأميركية عليها، أو العودة الأميركية للاتفاق النووي، إذ أن عودة التفاوض مع الإدارة الأميركية لا يزال احتمالاً مطروحاً لدى الحكومة الإيرانية، حيث صرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مؤخراً، بأن بلاده «تتوقع من بايدن أن ينتهج سلوكاً مختلفاً عن ترامب». 
وبشكل عام، فإن نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية خلقت حالة من الراحة السياسية للحكومة الإيرانية، ولو مؤقتاً، حتى تتمكن من إعادة ترتيب الملفات الداخلية والخارجية، بما يتواءم مع الوافد الجديد للبيت الأبيض، وبالتالي الاستعداد للانتخابات الرئاسية الإيرانية القادمة.