أفتقد الذهاب إلى السينما. الأفلام الحقيقية: الجلوس في مسرح مظلم والاستمتاع بالدراما الجادة أو بفيلم خيال علمي على الشاشة الكبيرة. إذا تلاشت المسارح، سأفقد متعة هادئة، نحن كأمة سنخسر واحدة من آخر وسائل الترفيه الديمقراطية لدينا.
ربما تتلاشى هذه الوسيلة. عقب ظهور الوباء العالمي، تم تحذيرنا من أن صناعة السينما تواجه أزمة وجودية. لقد سمعنا مثل هذه الأخبار من قبل، لكن الأزمة هذه المرة حقيقية. وسواء أكان ذلك بسبب قرار بفرض حالة الطوارئ أو خوفاً من العدوى، فإن الناس باقون في منازلهم بأعداد كبيرة.
كان رد هوليوود هو تأجيل أفلام «الإيرادات الكبيرة» حتى عام 2021، على افتراض متفائل بأن دور السينما ستكون ممتلئةً العام المقبل. وهكذا نرى توافقاً سلبياً يمكن التنبؤ به: إذا لم تكن هناك أفلام كبيرة، فلن يذهب سوى قلة من الناس، وإذا ذهب قلة من الناس، فسيتم تأجيل الأفلام الكبيرة إلى أبعد من ذلك.
لا عجب في أن أكبر مشغل للمسرح في العالم بات يفقد الأموال وقد يتقدم بطلب للإفلاس قريباً. وقد تتوقف بعض الاستوديوهات الكبرى.
كل هذا يثير سؤالين: هل يمكن جعل دور السينما آمنة بما يكفي لإقناع الجمهور بالعودة؟ وما هي تكلفة انهيارها؟
لنبدأ بموضوع السلامة. في معظم أنحاء الولايات المتحدة، تُبقي أوامر الإغلاق المسارح مغلقةً. وحتى في الأماكن المفتوحة، فإن القيود المفروضة على بيع الوجبات الخفيفة غالباً ما تجعل العمل غير مربح لدرجة أن الكثيرين لا يهتمون به. وبينما يجادل بعض الخبراء بأنه إذا ارتدى الجمهور الأقنعة وحافظوا على التباعد الجسدي، فإن الذهاب إلى السينما يكون أكثر أماناً من الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية على سبيل المثال، يصر آخرون على أن المسارح تظل خطرة.
ويبدو أن بقية العالم أقل خوفا مناً حيال والمسارح والسينما، أو ربما تثق الدول الأخرى في مواطنيها أكثر. ففي اليابان، المسارح في الغالب مفتوحة وتم تخفيف قواعد التباعد الاجتماعي. وهذا صحيح بالنسبة لبعض الدول الأوروبية أيضاً، بما في ذلك إيطاليا وفرنسا وألمانيا وبولندا وبلغاريا والدنمارك وإسبانيا وبالطبع السويد. وسمحت الهند الأسبوع الماضي فقط بإعادة افتتاح مسارحها للمرة الأولى منذ بدء الوباء.
صحيح أن موجة الخريف قد تجعل الحكومات والشركات المنتجة تعيد التفكير. ففي أوائل أكتوبر الجاري، أعلن أكبر عارض في المملكة المتحدة أن جميع أماكنه مغلقة مؤقتاً.
ومع ذلك، من العدل أن نقول إن الولايات المتحدة بشكل عام كانت أكثر عزوفاً عن المخاطرة من معظم الدول. فعلى سبيل المثال، وافق حاكم نيويورك «أندرو كومو» مؤخراً على إعادة فتح بعض دور السينما في الولاية بسعة 25%.
وفي الآونة الأخيرة أيضاً، وفي محاولة لجذب الجماهير الأميركية مرة أخرى، كانت السلاسل الكبرى تروج للتهوية المحسَّنة وإجراءات النظافة الأخرى. لكن الجمهور لا يزال في البيوت. وبالتأكيد، هناك نوع من التوتر. قد يجلس أفراد الجمهور بعيداً عن بعضهم البعض، لكنهم سيظلون في مكان مغلق لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات، وسيزيل البعض القناع بالتأكيد.
للأسف، نفتقر إلى البيانات الجيدة حول انتقال فيروس «كوفيد-19» في دور السينما. معظم الدراسات التي تبحث عن تأثير دور السينما لا تأخذ في الحسبان التدابير المتخذة داخل هذه الدور للحد من انتشار الفيروس، وهل ساعدت هذه الإجراءات؟ يؤكد بعض محبي السينما أنه لم يتم الإبلاغ عن حالات انتقال لفيروس كورونا بين جمهور السينما. من الصعب معرفة ذلك على وجه اليقين، نظراً لفشل معظم الجهود في تتبع جهات الاتصال.
إن المخاوف بشأن دور المسارح في انتشار الأمراض المنقولة جواً ليست بالأمر الجديد. فقد تم إغلاق معظم دور السينما خلال جائحة الإنفلونزا عام 1917-1918، والتي كادت أن تقتل صناعة الأفلام السينمائية الصغيرة آنذاك. وعلى مدى السنوات القليلة التالية، تساءلت سلطات الصحة العامة عما إذا كان من الممكن جعل المسارح آمنة. وتركز الكثير من النقاش حول ما إذا كانت الأفلام مجرد وسيلة ترفيه تافهة أخرى للجماهير أم هي جهد جاد تقدمه المؤسسات الثقافية ذات الأهمية المتزايدة؟
لدينا نفس الحجة اليوم، ونحن نتساءل عما إذا كانت الأفلام مهمة؟ 
السلطات التي تصر على ضرورة إبقاء دور السينما مغلقةً تقول إنها ليست مهمة. لكن، وبعد كل شيء، ألا يستطيع الجميع المشاهدة في المنزل؟ بالتأكيد، لكنها ستكون تجربة مختلفة أن يُعرض فيلم «آرون سوركين» الجديد بعنوان «محاكمة شيكاغو 7» على التلفزيون، لكنه سيكون أكثر روعة على شاشة كبيرة.
يعد الذهاب إلى السينما أحد آخر الأنشطة العامة التي نحضرها باختيارنا حيث لا تحدث الآراء السياسية للأشخاص من حولنا أي فرق على الإطلاق. نجلس في الظلام، وأعيننا على الشاشة، نتشارك تجربة ثقافية فريدة مع الغرباء. هذا جانب من جوانب الديمقراطية لا نوليه سوى القليل من الاهتمام، ويجب أن نفعل كل ما بوسعنا للحفاظ عليه.

*أستاذ القانون في جامعة يل
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس