في سبتمبر الماضي، كان الغرب الأميركي يحترق وأحد حرائق الغابات وصلت على مبعدة نحو 5 أميال من أجمل حقل في العالم، حيث نشأت في تلال غرب بورتلاند بولاية أوريحون. لكن في النهاية، أُطفئ الحريق بفضل العمل البطولي الذي قام به قسم الإطفاء المحلي المؤلف في معظمة من متطوعين. والمحليون من جانبهم أغدقوا على هؤلاء المتطوعين كميات كبيرة من الطعام والشراب والعرفان. وهذا أفضل ما في ريف أميركا. وذات مساء تردد ما يبدو أنه الصوت الأجمل في العالم، إنه صوت المطر ينهمر على الأسطح. لكن الحرائق ظلت تملأني بعدم الارتياح بسبب ثلاثة أسباب شديدة الترابط. 

أولاً: هناك الخوف من أن تصبح هذه الحرائق وما يصاحبها من دخان من المألوفات الجديدة. والباحثون يقدرون أن التلوث في الصين يتسبب في مقتل 1.6 مليون في العام، وأن دخان حرائق الغرب ربما يتسبب في نهاية المطاف في أمراض الجهاز التنفسي، التي تحصد عدداً من الأرواح أكبر من الحرائق نفسها. 
وثانياً: هناك خيبة أمل من عجز الحكومة الاتحادية في الولايات المتحدة عن الحركة. فقبل شهرين فحسب، سارع الرئيس دونالد ترامب بإرسال موظفين اتحاديين، دون حاجة لهم، للتعامل مع احتجاجات وحرق للنفايات في وسط مدينة بورتلاند. لكن الرئيس لم يبال، في ما يبدو، حين كانت ملايين الهكتارات وآلاف المنازل تحترق على امتداد الغرب الأميركي. وأعلن ترامب «أنها ستبدأ في البرودة»، وكان تصريحه هذا يمثل استراتيجية لمواجهة النيران في ما يبدو، كما كان تصريحه الذي قال فيه «إنه سيرحل» يمثل استراتيجية أيضاً فيما يبدو للتعامل مع فيروس كورونا. 
ثالثاً: هناك عدد كبير جداً من مواطني أوريجون العاديين، وفي أنحاء البلاد، يؤمنون وينشرون نظريات مؤامرة جامحة، مفادها أن هذه الحرائق من عمل مشعلي نيران يساريين مبهمين، بدلاً من أن ينظروا إلى هذه الحرائق باعتبارها دعوة انتباه إلى المخاطر الناجمة عن ظاهرة ارتفاع حرارة الكوكب. فقد أذكى ترامب وشبكة فوكس نيوز، إلى جانب طائفة من المواقع اليمينية على الإنترنت، حالة الرعب مما يطلقون عليه معارضي الفاشية، ولذا أصبح لدينا الآن إشاعات بلا أساس، تزعم أن الحرائق أشعلها المعارضون للفاشية أو محتجو «حركة حياة السود مهمة». 

ونظريات المؤامرة تلك لا تصدر عن شخصيات هامشية فحسب. فقد زعم مايكل كروس المرشح «الديمقراطي» لمنصب النائب العام في أوريجون، في تدوينة على «فيسبوك» قائلاً: «سمعت أن 14 شخصاً على الأقل تورطوا في إشعال هذه الحرائق، وهذا في الساعات الاثنتي عشرة السابقة. هذا يبدو لي كما لو أنه إرهاب محلي». وأيضاً، نشر بول روميرو الابن، المرشح «الجمهوري» لمجلس الشيوخ عن ولاية أوريجون، الذي لم يفلح مسعى ترشيحه، تغريدة عارية من الصحة، مفادها أن ستة نشطاء من معارضي الفاشية تم اعتقالهم بسبب أعمال تخريب. ودعنا نوضح بجلاء أنه لا توجد أي أدلة على إشعال متطرفين سياسيين أي حرائق. فقد وصف مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف. بي.أي.) التقارير بأنها غير صحيحة، وناشد الجمهور ألا ينشروا إشاعات. وأصدرت مكاتب الشريف في أوريجون بيانات مشابهة. فقد رجا مكتب شريف منطقة دوجلاس المواطنين أن «توقفوا عن نشر الشائعات»، لأن هذا «يرهق المكلفين بالرد على طلبات الإغاثة عبر رقم 911 وفريق المختصين» بسبب المكالمات القائمة على معلومات خاطئة. 
وكان يجب ألا يكون هناك غموض فيما يتعلق بالسبب الحقيقي الذي جعل الحرائق تصبح شديدة الخطورة، وهي ظروف الجفاف التي فاقمها تغير المناخ، بالإضافة إلى عاصفة استثنائية. فقد نشب 13 حريقاً على الأقل في أوريجون بعد أن أسقطت العاصفة أعمدة الكهرباء، بحسب تقرير صحيفة «ويلاميت ويك». واتفاق الآراء العلمية واسع النطاق، وهو يشير إلى أن درجات الحرارة المرتفعة تجفف الغابات، مما يؤدي إلى احتمال أننا ندخل عصراً من «الحرائق الهائلة». وأشير هنا إلى عام 2000، حين حذر التقييم القومي الأول للمناخ من أن الشمال الغربي يواجه احتمالاً متزايداً بنشوب حرائق. 

لكن نظريات المؤامرة تخلق مخاطر حقيقية. فقد أقام بعض المواطنين في أوريجون لجان تفتيش على الطرق، يشرف عليها مواطنون مسلحون لتوقيف السيارات والبحث عن مشعلي الحرائق. وكتبت امرأة تدعى جنيفر بولسن، في تغريدة على تويتر، تقول: «كنت قريبة جدًا فيما يبدو من تعرضي لإطلاق النار على يد لجنة أهلية». لقد رأيت ميليشيات تقيم نقاط تفتيش يشرف عليها مسلحون في بلاد مثل اليمن والسودان، لكني لم أتوقع أبدا أن أرى هذا في ولايتي المحبوبة. 

ما أكتبه الآن يردد ما كتبته في يونيو الماضي، وكان يتعلق بحالة الخوف المرضية في بلدات الريف بأن معارضي الفاشية سيهاجمون السكان، مما يدفع الناس إلى حمل السلاح والتجمع للتصدي للهجوم. وكل هذا الاستغلال للشائعات يجعلني أشعر أن النسيج الاجتماعي يتفتت ومعه الفهم المشترك للواقع الذي يمثل أساس أي مجتمع. وهذا يثير سؤالاً: إذا كنا نرى هذا التفتت الآن، بينما العلم واضح والإشاعات بلا أساس بشكل واضح، فما عساه يحدث في نوفمبر إذا تقاربت نتائج انتخابات الرئاسة بين المرشحين؟
*كاتب أميركي حاصل على جائزة بوليتزر
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز» 
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2020/09/19/opinion/sunday/wildfires-united-states.html