تمكَّنت دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال سياساتها وخططها ونهجها الاستباقي في مواجهة التحديات، من الوقوف بصلابة وقوة أمام تداعيات جائحة «كوفيد-19»، الاقتصادية والصحية والاجتماعية، وحقَّقت بذلك مكانة دولية تنافسية ومرموقة في تلك السياسات والخطط، وذلك على الرغم من الأزمة غير المسبوقة التي يشهدها العالم بفعل انتشار فيروس كورونا المستجد، التي أثرت سلبًا في دول العالم في المجالات كافة. وفي هذا الصدد قال «صندوق النقد الدولي» إن الإجراءات التي اتخذتها حكومة دولة الإمارات، لاحتواء التداعيات الصحية والاقتصادية لجائحة «كوفيد-19»، كانت الأكثر جدّية وفاعلية، بفضل استجابتها السريعة للجائحة، وعملها على تطوير آليات عمل غير مسبوقة على مستوى المنطقة والعالم للتعامل مع الأزمة.
وهذه الإشادة، الصادرة عن صندوق النقد الدولي، بإجراءات دولة الإمارات الفاعلة والجدية في مواجهة الجائحة، ليست الأولى من نوعها، إذ صدرت الكثير من التقارير الدولية التي أكدت تميُّز نهج دولة الإمارات في مواجهة جائحة «كوفيد-19»، التي تمثل أكبر تحدّ يواجهه العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، كما أشادت كثير من المنظمات الدولية المعنية بهذا النهج، وأكدت مدى نجاعته في التعامل مع التداعيات التي خلَّفتها الجائحة.
وتعيد هذه الإشادة، الصادرة عن صندوق النقد الدولي، إلى الأذهان مجموعة من الإجراءات التي حققت هذا التميز، كإطلاق الحملة الوطنية للتعقيم على مستوى الدولة، وإطلاق منصات للوقاية الصحية الإلكترونية، وتكثيف حملات التوعية والتباعد الجسدي، إضافة إلى تعزيز الجانب النفسي لدى المجتمع، وتكثيف أعداد الفحوص الخاصة ب«كوفيد-19»، الأمر الذي أوصلها إلى تحقيق الصدارة العالمية في هذا المجال، عندما تجاوزت الفحوص العدد الإجمالي للسكان في الدولة. وفضلا عن ذلك كله، أطلقت حكومة دولة الإمارات الكثير من المبادرات المحفّزة للقطاعات التكنولوجية والصحية والاقتصادية بمختلف مجالاتها، وتمكَّنت من اعتماد مجموعة من البرامج المالية والتمويلية من خلال المصرف المركزي، وذلك بفضل ما تتمتع به الدولة من احتياطيات مالية وفيرة.
وقد أظهرت دولة الإمارات كفاءة كبيرة في اتخاذ الإجراءات الوقائية ضد تفشي الفيروس، وسارعت بشفافية عالية إلى تعزيز مستوى إجراءاتها الصارمة في جميع المنافذ الحدودية، وتفعيل أنظمة الكشف الحراري في هذه المنافذ كافة، كما عملت على تفعيل أنظمة الإنذار المبكر للحالات الصحية، وتجهيز فرق طبية مؤهلة تعمل على مدار الساعة، وترسيخ قدرات القطاع الصحي من خلال تطبيق نظام التقصّي الوبائي بكفاءة عالية، وتوفير مخزون استراتيجي من المستلزمات الطبية الأساسية اللازمة للفحص المتقدم لاكتشاف الفيروس، وتطبيق الحجر والعزل الطبي، وتوفير غرف العزل المجهَّزة بطريقة تضمن عدم انتشار الفيروس، وإعداد طواقم طبية متخصصة تعمل على مدار الساعة، وتخصيص مراكز اتصال في الجهات الصحية للتقصي والمتابعة.
أما في قطاع التعليم، الذي تأثر بشدة بتداعيات الجائحة في الكثير من الدول، فقد اتخذت حكومة دولة الإمارات مجموعة إجراءات وقائية لجعل البيئة المدرسية بيئة صحية وخالية تمامًا من أي مسبّبات لانتشار الفيروس، وشملت هذه الإجراءات تقديم إجازة الربيع لجميع المدارس ومؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة، وتطبيق التعليم عن بُعْد، والجمع بينه وبين التعليم الهجين، وتنظيم برنامج لتعقيم المدارس والجامعات ووسائل نقل الطلاب.
ولا شك أن هذا النجاح، الذي حققته دولة الإمارات في مواجهة جائحة «كوفيد-19»، إنما يعود إلى جهود دؤوبة بُذِلت في هذا السياق، حيث إن حكومة دولة الإمارات عملت بشكل مستمر على تطوير سياساتها الخاصة بمواجهة الجائحة وما بعدها، فعقدت سلسلة اجتماعات بهدف تطوير منظومة العمل الحكومي، وصياغة «استراتيجية دولة الإمارات لما بعد كوفيد-19»، شارك فيها مسؤولون من أكثر من 100 جهة حكومية اتحادية ومحلية، وخبراء وباحثون ومخططون استراتيجيون في مختلف مجالات العمل الحكومي، لوضع مقاربات مستقبلية للآفاق الاقتصادية والتنموية، وتحديد الإجراءات اللازم اتخاذها في إطار الاستعداد للمستقبل، إضافة إلى الحفاظ على المكتسبات الوطنية، وتعزيزها، وخلق حكومة أكثر رشاقة ومرونة وسرعة، تواكب الأولويات التي تتعلق بالصحة والاقتصاد والأمن الغذائي والتعليم وغير ذلك، مما أسهم في جعل دولة الإمارات تتبوأ مكانة متقدمةً في الكثير من التقارير الدولية التنافسية.
 
 

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.