يعمل باحثون حول العالم بلا كلل لتطوير لقاح فعال مضاد لفيروس كورونا. وفي الوقت نفسه، تستعد الحكومات والشركات ومنظمات المجتمع المدني لإنتاج كبير وجهود توزيع هائلة حتى يمكن نقل لقاح أو لقاحات، إذا توافرت للاستخدام، حول العالم بأسرع وقت ممكن. والسؤال لا يتعلق بمدى قدرتنا على الحصول على لقاح في نهاية المطاف، بل يتعلق بمن سيمكنه الوصول إليه ومتى؟ 
ويحذر الخبراء أن بعض الدول تميل نحو «قومية اللقاح» أي تركيز الاهتمام بسكانها أولاً، وليس التعاون مع المجتمع الدولي، وخاصة الدول الأفقر لضمان إمكانية حصول متساوية للقاح المضاد للفيروس. وقد تسلك كندا هذا الاتجاه بعد أن اشترت نحو 300 مليون جرعة من طائفة من اللقاحات المرشحة. وهناك بالتعاون الدولي في الأبحاث المتعلقة بالعثور على لقاح عبر عنه آلان بيرنستين الرئيس والمدير التنفيذي لمنظمة «سيفار» (المعهد الكندي للأبحاث المتقدمة) والعضو في قوة المهام الكندية لمكافحة كوفيد-19. وكتب بيرنستين في صحيفة اتلانتيك في أغسطس الماضي يقول إنه «متفائل أن العالم سيتوصل إلى لقاح فاعل وآمن بحلول نهاية هذا العام أو في وقت مبكر عام 2021». 
وهذه أخبار جيدة للغاية، لكنه حذر من أن كلمة «العالم» لا تعني بالضرورة الجميع. فكما أشار كثيرون من المراقبين أنه بمجرد ظهور لقاح، سيتعين توفير ملايين الجرعات لتوزيعها على الجميع في العالم. ولا يستبعد أن تتطلب الوقاية أكثر من جرعة. ولهذا كلفة، ويجب على الدول إنفاق المال كي تحمي الصحة العامة وتمهد الطريق نحو العودة إلى حياة شبه طبيعية وتوفير المليارات على البلاد في المدى الطويل. 
وردد الباحثون «رونالد لابونت» و«كاترينا بلاموندون» و«ميرا جوهري» و«سرينيفاس ميرثي» في صحيفة «كونفرزيشن» الشهر الماضي مخاوف بيرنستين. وجادولوا بأن كندا جزء من «الرابطة الأولى من قوميي اللقاح» وهي مجموعة صغيرة من الدول اشترت «أكثر من نصف المتوافر العالمي المتوقع في المدى القصير من اللقاحات». والسؤال النهائي بالطبع بشأن اتخاذ كندا «موقف قومي من اللقاح، أو مدى شدة هذا الموقف، لا يتعلق بشراء البلاد جرعات أو عددها، بل بعدد الجرعات التي توصلها للمواطنين مقارنة بهؤلاء الذين حول العالم الذين ربما لن يتمكنوا من الحصول على لقاح في الوقت الملائم أو لن يحصلوا على لقاح على الإطلاق. 
وجادل «لابونت» ومشاركوه في المقال أن كندا يجب أن تتعهد بالمشاركة الدولية بالدرجة نفسها من خلال مسعى «كوفاكس» العالمي- وهو تحالف لأبحاث وتوزيع اللقاح- كما تفعل محليا. وهم محقون في هذا. فالعدل والمساواة يمليان على الحكومات حول العالم أن يعملوا معا لتقليص الضرر وحماية الأرواح والقضاء على الجائحة. واعترف «بيرنستين» في الآونة الأخيرة بأن الضرورة تملي على الدول الغنية بأن تجعل الجرعات متاحة للدول الأفقر. وأشار أيضا إلى أننا جميعا متورطين في هذا حتى النهاية، أردنا أم لم نرد. ومضى يقول «هذه الجائحة لن تنتهي حتى يجري إعطاء اللقاح للجميع. الفيروس إذا كان في أي مكان فهو في كل مكان». 
وطبيعة الجائحة تملي على الدول الغنية أن تشارك بما يستلزمه الأمر لحصول كل العالم على العقار في أقرب وقت ممكن. وينظر بيرنستين إلى الأمر ليس «باعتباره خياراً بين أمرين يتمثل في التوتر بين رعاية المرء لبلاده والمشاركة في مبادرة متعددة الأطراف. الدول الغنية تستطيع القيام بالأمرين ويجب عليها ذلك». وحتى الآن، خصصت كندا 440 مليون دولار كندي لمهمة «كوفاكس» رغم أن نصف المبلغ مخصص للجرعات المحلية. وفي الأيام القليلة الماضية، انضمت الصين لهذا المسعى. ومازالت الولايات المتحدة وروسيا تمتنعان. 
وكجزء من المسعى العالمي، وعلى الرغم من، أو ربما بسبب، الافتقار إلى القيادة الأميركية، يجب على كندا تعزيز مشاركتها في الجهود العالمية لتوفير جرعات من اللقاح للدول الأفقر. ومن مصلحة البلاد التخلص من الفيروس على امتداد العالم لأنها لطالما كانت من المستفيدين من النظام العالمي المترابط في الإنتاج والتجارة. 
ويجب أن تنضم البلاد للجهود العالمية المنسقة لتوزيع اللقاح في وقت ملائم لكل البلدان بصرف النظر عما إذا كانت غنية أو فقيرة. وهذا المسعى يتعين أن يتضمن ليس فقط جرعات اللقاح بل أيضا أدوات نقلها إلى أي مكان.

ديفيد موسكروب
باحث في مجلس دراسات العلوم الاجتماعية والإنسانيات في قسم الإعلام بجامعة أوتاوا
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»