منذ 27 سبتمبر الماضي، تدور اشتباكات في ناغورنو قره باغ بين القوات الآذرية والقوات الانفصالية من منطقة ناغورنو قره باغ المدعومة من أرمينيا. في 1921، كان ستالين قد ألحق هذه المنطقة التي يسكنها الأرمن بأذربيجان. وفي سبتمبر 1991، أعلنت منطقة ناغورنو قره باغ استقلالها عن أذربيجان. هذه الأخيرة أرادت إعادة السيطرة عليها في 1994، ولكنها خسرت الحرب التي أسفرت عن 30 ألف قتيل. ومنذ ذلك الحين ظل النزاع مجمداً. الأرمن يدفعون بمبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، ما ينطوي على إمكانية الاستقلال، بل وإمكانية ضم ناغورني قره باغ في نهاية المطاف. أما أذربيجان، فتشدد على مبدأ الوحدة الترابية للدول، الأمر الذي من شأنه السماح باستعادة ناغورنو قره باغ و«المنطقة العازلة» التي احتلها الجيش الأرميني. 
ومنذ ستة وعشرين عاماً، تقوّت شوكة أذربيجان: فالبلد غني بنفطه واشترى الكثير من الأسلحة من تركيا. وبالتالي، فإنه اليوم يجد إغراءً في استعادة ما خسره على الميدان العسكري. واللافت في الموضوع أن هناك عجزاً لقوى «مجموعة مينسك» (فرنسا والولايات المتحدة وروسيا) وانخراطاً للقوى المجاورة: فروسيا تدعم أرمينيا، ولكن نظراً لأن ناغورنو قره باغ لا تنتمي إلى أرمينيا رسمياً، فإن معاهدة الدفاع التي تربط موسكو بيريفان لا يمكن أن تطبق. هذا في حين تدعم تركيا أذربيجان التي تمدها بالأسلحة، ولكن أيضاً بالمرتزقة القادمين من سوريا. ثم هناك خط أنابيب يصدّر النفط الأذري نحو أوروبا ويمر بمقربة من منطقة القتال. أما بالنسبة لإيران التي يفترض أن تدعم أذربيجان، والتي تُعد بلداً شيعياً أيضاً، فإنها تقف إلى جانب أرمينيا، حيث تخشى طهران أن تكون لدى الأذريين الذين يبلغ تعدادهم الملايين في إيران رغبة في الاستقلال. 
وبالطبع، تدعم تركيا أذربيجان لأسباب إثنية، ولكن أيضاً بسبب النزاع التاريخي مع أرمينيا. فنحن نتذكر الإبادة الجماعية للأرمن في عام 1915: وإلى اليوم لا توجد علاقات دبلوماسية بين تركيا وأرمينيا. 
اليوم، تلعب روسيا بالطبع دوراً رئيسياً في منطقة القوقاز: إنه «الغريب القريب»، وهي مرتبطة تاريخياً بكلا البلدين، ولكنها تتمتع بتأثير ونفوذ أكبر واتصالات أكثر مع أرمينيا منها مع أذربيجان، التي أرادت التخلص من النفوذ الروسي بعض الشيء. غير أن هذه المنطقة تظل «الغريب القريب» بالنسبة لروسيا، وموسكو لا يمكنها أن تسمح لتركيا بحشد قدر أكبر مما ينبغي من النفوذ في المنطقة. إنها ساحة مواجهة جديدة بين تركيا وروسيا، بعد سوريا وليبيا. وبالطبع، ينبغي أن نضيف إلى ميادين المواجهة هذه شرق المتوسط والخلافات الدائرة بين تركيا واليونان. 
من ناحية القانون الدولي، هناك مبدآن متعارضان بالطريقة نفسها على غرار حالتي القرم وكوسوفو، ألا وهما: حق الشعوب في تقرير مصيرها والوحدة الترابية للدول. والواقع أنه من المستبعد أن تعود ناغورنو قره باغ بشكل طبيعي تحت السيادة الأذرية، ذلك أن الأرمن الذين يسكنون المنطقة لن يقبلوا بعد مرور 26 عاماً العودة للعيش تحت السيادة الأذرية. ثم إن إعادة السيطرة على ناغورنو قره باغ من قبل أذربيجان قد يكون ثمنها تطهير إثني أو جرائم حرب، من قبيل قصف للسكان المدنيين، وبالتالي تجاوز لخط أحمر.
موقف السلطات الأذرية واضح جداً: إنها تريد من أرمينيا الانسحاب من ناغورنو قره باغ. والحال أنه من المستبعد أن تقبل أرمينيا بذلك، وستتلقى الدعم في هذا الإطار ليس من روسيا فحسب، ولكن أيضاً وبكل تأكيد من القوى الغربية، التي يتعبأ رأيها العام لدعم القضية الأرمينية بالنظر إلى الجاليات الأرمنية المهمة التي تعيش فيها، وخاصة في الولايات المتحدة وفرنسا.
روسيا، التي تفاجأت باندلاع النزاع، نجحت في دفع طرفي الأزمة نحو توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، مذكرةً الجميع بأنها تعتبر هذه المنطقة فناءها الخلفي. ولكن هل سيتم احترام اتفاق وقف إطلاق النار هذا؟ الواقع أنه انتُهك منذ مدة.