في خطابه إلى الأمم المتحدة، وعد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بتقاسم قدرات بلاده في إنتاج اللقاحات مع العالم، في خطوة طمأنت المجتمع الدولي في وقت يتميز بقدر كبير من عدم اليقين. وأشار مودي، في خطابه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى أن الأمر يتعلق بتعهد أراد أن يقدمه للمجتمع الدولي في وقت تحاول فيه عدد من البلدان التعاطي مع وباء كورونا. ويذكر هنا أن الهند تُعد واحدةً من بين أكثر البلدان إصابة بالفيروس إذ تأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة، حيث يقارب عدد الإصابات فيها سبعة ملايين حالة. 
وتُعد الهند ثالث أكبر منتج للأدوية في العالم، حيث تقدّر قيمة قطاع الأدوية فيها بنحو 38 مليار دولار سنوياً. كما تُعد مزوداً بالأدوية الخاصة بعدد من الأمراض عبر العالم، وتشتهر بإنتاج أدوية ذات جودة عالية وتكلفة منخفضة للسوقين الهندي والعالمي، إذ تغطي من 50 إلى 60 في المئة من الطلب العالمي على العديد من اللقاحات، بما فيها أدوية مضادة للفيروسات بأثمنة منخفضة، و40 في المئة من الأدوية الجنيسة المستهلكة في الولايات المتحدة، و25 في المئة من كل الأدوية التي تصرف في المملكة المتحدة، وفق تقرير لاتحاد غرف التجارة والصناعة الهندية. 
وقد انضمت أكثر من ست شركات ومعاهد بحثية في الهند إلى السباق العالمي على تطوير لقاح ضد فيروس كورونا في وقت ما زال يحصد فيه الضحايا عبر العالم، متسبباً في أكثر من مليون وفاة حتى اليوم. بعض الشركات الهندية عقدت شراكات مع شركات دولية، بينما تسعى شركات هندية أخرى إلى تطويره بمفردها. ولهذا، فإن الوعد بتقاسم اللقاح مع كل البلدان الأخرى هو خطوة جديرة برجل دولة أقدم عليها مودي، الذي ألقى خطاباً يتطلع إلى المستقبل في المنبر الدولي. 
وبموازاة مع تشديده في خطابه على أنه ليست لدى الهند أي أجندة لخلق تكتلات ضد أي بلد، أكد مودي على التزام بلاده بمحاربة الإرهاب، مشيراً إلى أن معركة الهند ضد الإرهاب تتخذ نهجاً أشمل. وتعهد بأن تواصل بلاده تبني موقف قوي ضد كل من الإرهاب وتهريب الأسلحة والمخدرات وغسيل الأموال. 
بيد أن أقوى الفقرات ضمن خطاب رئيس الوزراء الهندي ربما هي تلك التي أكد فيها على أن كوفيد-19 أبرز الحاجة الملحة إلى إصلاحات في الأمم المتحدة، المنظمة التي بات ينظَر إليها على أنها لم تعد متسقة مع الوقائع المعاصرة. والجدير بالذكر في هذا الصدد أن الهند تستعد لشغل مقعد العضو غير الدائم لمجلس الأمن الدولي اعتباراً من يناير 2021 لمدة عامين. غير أن موقف الهند الطويل كان وما يزال إصلاح مجلس الأمن الدولي من خلال ضم عدد أكبر من الأعضاء الدائمين. مطلب ما فتئت الهند تؤكد عليه منذ عدة سنوات. ولئن تلقت الدعم في ذلك من عدة بلدان، فإنها لم تر بعد أي تقدم بهذا الشأن. 
رئيس الوزراء الهندي أكد على ضرورة إدخال إصلاحات على الهيئة الدولية، لافتاً إلى أن الهند اضطرت للانتظار في صبر، ومتسائلاً: لكم من الوقت سيتم الإبقاء على البلد الذي يؤثّر اقتصاده على العالم خارج هذه الهيئة المهمة لصنع القرار الدولي؟ كما شدّد على مساهمة الهند الكبيرة في الأمم المتحدة، والتي تشمل المشاركة في مهمات حفظ السلام عبر العالم، لافتاً إلى أن الهند فقدت أكبر عدد من الجنود في مثل هذه المهمات ضمن تضحية كبيرة بذلها هذا البلد الواقع جنوب آسيا. 
وتُعد بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة البلدان الوحيدة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وهي تتمتع بالحق في استخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي قرار، وهو ما يمثّل العمود الفقري لتوجيه الأمم المتحدة. غير أن كثيرين يرون أنه آن الأوان لأن يعكس الأعضاء الحاليون التغير الحاصل حالياً في العالم بخصوص القوة الاقتصادية. وتُعد الهند جزءاً من مجموعة تضم أيضاً البرازيل وألمانيا واليابان، وتسعى منذ سنوات إلى الدفع في اتجاه إصلاح مجلس الأمن الدولي وتوسيعه، حيث تريد هذه الدول أن يصبح المجلس أكثر تعبيراً عن التغيرات التي طرأت في الاقتصاد العالمي، وأن يأخذ الحقائق المعاصرة في عين الاعتبار.
هذه البلدان، المعروفة باسم مجموعة الأربعة، قادت مبادرة الإصلاحات من أجل جعلها أكثر تناغماً مع المتطلبات الجديدة، لكنها أُعيقت من قبل عدد من البلدان الأخرى التي تتبنى مواقف ومقترحات مختلفة بشأن كيفية التقدم بشأن هذا الموضوع. 
إلا أن الهند نفسها تلقت بعض الدعم الهام من كل أعضاء مجلس الأمن الدولي تقريباً، وهو أمر في غاية الأهمية. وإلى جانب بلدان مجموعة الأربعة، فإن البلدان الأفريقية أيضاً كانت تضغط من أجل تمثيلها في المجلس، وكانت واضحة بشأن ضرورة حصول القارة على مقعدين دائمين في المجلس. ومن جانبها، تطالب بلدان عربية وأميركية لاتينية أيضاً بتمثيل أقوى. وبالتالي، فالشيء الوحيد الذي ربما يحظى بالإجماع بين كل الأعضاء هو ضرورة توسيع مجلس الأمن وجعله أكثر تمثيلاً.

*مدير مركز الدراسات الإسلامية - نيودلهي