في الأسابيع التالية للتوقيع على الاتفاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين، أثارت دهشتي تعليقات بعض الكتاب والمحللين الفلسطينيين والإسرائيليين. صحيح أن وجهات النظر التي عبر عنها كل جانب كانت متعارضة بشكل استقطابي ومبالغاً فيها من الجانبين، لكنها كانت أيضاً مسرفة في خطئها. فقد انشغل بعض الإسرائيليين في محاولة إقناع أنفسهم بأن هذا يمثل «بداية نهاية الصراع العربي الإسرائيلي»، أو بدء «موجة من الدعم العربي الذي سيطمر القضية الفلسطينية إلى الأبد»، من ثم يحقق دور إسرائيل في «شرق أوسط جديد». أما الجانب الفلسطيني، فقد استخدم لغة مبالغاً فيها بالمثل ندبت «طمس القضية الفلسطينية» أو «دفن فلسطين». 
صحيح أن هناك ما يسوغ أن يشعر الإسرائيليون بالانتشاء، لأن هناك دولتين عربيتين لم تشتبكا معهم في حرب قط ستعملان على تنمية علاقات مفتوحة معهم. وبالنسبة للفلسطينيين هناك حاجة إلى جرعة من الواقع، فالقضية الفلسطينية لم تُطمس. 
 فقد أشرت من قبل إلى أن قضية فلسطين ستظل حية ما دام غالبية السكان الذين يعيشون بين نهر الأردن والبحر المتوسط من العرب الفلسطينيين، كمواطنين من الدرجة الثانية، فيما يطلق عليه «الدولة اليهودية»، وستظل حية ما دام ملايين الفلسطينيين المقيمين في المنفى محرومون من حقهم المشروع في استعادة منازل وممتلكات أسلافهم. وهذه الوقائع لا يمكن تجاهلها إلى الأبد، وتمثل تحدياً لا يمكن محوه. 
 صحيح أن حركة الأنشطة الاقتصادية ستنشط بين الإسرائيليين والعرب، وقد تنتعش السياحة أيضاً في حقبة ما بعد كوفيد-19. السلام يتطلب وضع نهاية لقمع الشعب الفلسطيني. فبعد مرور أكثر من خمسة عقود على حرب 1967، هناك خمسة ملايين تقريباً يعيشون تحت احتلال وإجراءات خانقة، مما جعلهم معتمدين على الإعانة الخارجية.
وحالياً، تسيطر إسرائيل على 60% من الضفة الغربية، وهناك أكثر من 650 ألف مستوطن يعيشون في مستوطنات في أراض تربطها طرق آمنة في مناطق لم تكن خاضعة لإسرائيل قبل 1967. وحتى أثناء اتفاقات أوسلو، تضاعف عدد المستوطنين في الضفة الغربية وتضاعفت معهم مساحات الأراضي التي تم الاستيلاء عليها. وحين يتحدث الإسرائيليون عن دولة فلسطينية، فإنهم يتحدثون عن شيء أقل من كيان سيادي يفتقر للسيطرة على الموارد ودون إمكانية دخول وخروج غير مقيدة. 
والحقيقة أنه كلما اندمجت إسرائيل في المنطقة، تزايد الضغط عليها، كي تعالج الواقع الفلسطيني. ومعاهدات السلام مع مصر والأردن لم تغير هذه الحقيقة، ولن يغيرها أيضاً السلام مع الإمارات والبحرين. 
 ومن أجل التوصل إلى اتفاق سلام مع الإمارات، أُجبرت حكومة نتنياهو، في المقام الأول، على وقف خطط ضم مناطق من الضفة الغربية رسمياً إلى إسرائيل، وكما تشير استطلاعاتنا للرأي، لعبت المعارضة الشديدة من العاهل الأردني الملك عبدالله والزخم الإماراتي دوراً محورياً في جعل عدد كبير من الإسرائيليين يعارضون الضم. 
 وصحيح أن جانباً كبيراً من القيادات الدولية، واتفاقات الإمارات والبحرين، مازالت تتحدث عن تأييد حل الدولتين، لكن هذا الحل فات أوانه. فنحن الآن نسير في طريق طويل وشاق إلى حل الدولة الواحدة. فإسرائيل قد لا تضم رسمياً أراضي، لكنها تستثمر بكثافة في الأراضي المحتلة لاستخلاصها لنفسها. صحيح أن السلطة الفلسطينية أصبحت تابعة، لكن إسرائيل أيضاً أصبحت معتمدة على العمالة الفلسطينية وعلى تعاون السلطة الفلسطينية في المسائل الأمنية والإدارية. وسيأتي اليوم الذي تدفع فيه التركيبة السكانية وعدم المساواة إلى إعادة النظر. والفلسطينيون، كأغلبية، سيطالبون بحقوق متساوية وعدل. وربما يتحقق هذا كعملية بطيئة ومتواصلة، أو بعد اندلاع احتجاجات، لكنه سيحدث.