يندرج مشروع تصميم الخمسين عاماً المقبلة لدولة الإمارات، في إطار حرص القيادة الرشيدة البالغ على استشراف المستقبل والتخطيط له بشكل مبكر، ومن ثمَّ امتلاك القدرة الاستباقية على تحويل التحديات فرصاً، وتعظيم الاستفادة من الفرص المتاحة، وهو نهج ثابت في السياسة الإماراتية منذ تأسيس الاتحاد على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وقد تمكنت الدولة من توظيف هذا النهج لبناء نموذج تنموي بات قدوةً ومحطَّ إعجاب وتقدير كبيرَين، ليس على الصعيد الإقليمي فقط، بل على الصعيد الدولي أيضاً. 
وقد كان واضحاً، منذ إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، مشروع تصميم الخمسين عاماً المقبلة لدولة الإمارات، حرص قيادتنا الرشيدة على أن يكون المشروع في نهاية المطاف نتاج تفكير مجتمعي واسع، يضمن له الثراء والتنوع والشمول، وهي شروط أساسية لنجاح أي مشروع للتخطيط المستقبلي، ولذلك تعمل اللجنة العليا لعام الاستعداد للخمسين، برئاسة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، التي تتولى الإشراف على هذا المشروع، على إشراك جميع فئات أفراد المجتمع، من أجل التوصل إلى الخطة التنموية الشاملة لدولة الإمارات، التي تحدّد ملامح الخمسين عاماً المقبلة لدولة الإمارات من عام 2021 إلى عام 2071.
ولتحقيق المشاركة المجتمعية الواسعة في مشروع تصميم الخمسين عاماً المقبلة لدولة الإمارات، تم طرح مبادرات مهمة عدة، منها إطلاق لجنة الاستعداد للخمسين منصةً رقميةً دشنها سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان لاستقبال أفكار أفراد المجتمع وتصميماتهم عبر موقعها الإلكتروني، حتى 14 نوفمبر المقبل، وتوفر المنصة آلية مبسَّطة لمشاركة أفراد المجتمع والتفاعل معهم، تبدأ بدخول الموقع الإلكتروني، واختيار مجال الفكرة أو التصميم، وتقديم مجموعة من التفاصيل، مثل بيانات صاحب الفكرة، وشرحها، أو تحميل ملف لتوضيحها، وقد شهدت المنصة إقبالاً كبيراً من مختلف فئات المجتمع وأفراده، خصوصاً فئة الشباب الذين بادروا إلى تقديم أفكارهم لمستقبل مختلف القطاعات في دولة الإمارات، وحظيت مجالات ريادة الأعمال والاقتصاد والتعليم بأكبر عدد من الأفكار التي تلقتها المنصة.
وتتواصل المبادرات الخاصة بمشروع تصميم الخمسين عاماً المقبلة لدولة الإمارات، لتؤكد الرغبة الكبيرة لدى مؤسسات وقطاعات كثيرة في المشاركة في هذا المشروع الرائد، ما يؤكد أن تصميمه سيأتي ثريّاً وقادراً على صياغة خطة تنموية متكاملة للدولة في نصف القرن التالي بعد الاحتفال بيوبيلها الذهبي في الثاني من ديسمبر 2021، وفي هذا السياق أعلنت وزارة التربية والتعليم، بالتعاون مع لجنة الاستعداد للخمسين، إطلاق مبادرة (50×50) لإشراك طلاب مدارس الدولة في تصميم محاور الخطة التنموية الشاملة للخمسين عاماً المقبلة، ومكوناتها، وتركز المبادرة على إشراك الطلبة في الجهود الوطنية لإعداد خطة الاستعداد للخمسين، والتعرُّف إلى آرائهم وأفكارهم ومقترحاتهم التطويرية في قضايا حيوية، تسهم في صناعة مستقبل أفضل للأجيال القادمة، ويشارك 50 ألف طالب وطالبة يمثلون جميع المراحل الدراسية، من أكثر من 1200 مدرسة حكومية، وخاصة على مستوى الدولة، ضمن 1000 ورشة تفاعلية افتراضية «عن بُعد»، بواقع 50 طالباً في الورشة الواحدة.
وممَّا لا شك فيه أن هذا الحرص الكبير من لجنة الاستعداد للخمسين على توسيع عملية المشاركة المجتمعية في مشروع تصميم الخمسين عاماً المقبلة لدولة الإمارات -فضلاً عما ينطوي عليه من رغبة قوية في الاستفادة من عدد لا نهائي من الأفكار والمقترحات، ومن ثمَّ إنتاج وصفة شاملة ومتكاملة للخطط التنموية لدولة الإمارات في الخمسين عاماً المقبلة- ينطوي كذلك على إيمان مطلق بأهمية العمل بروح الفريق الواحد، وإشراك جميع أفراد المجتمع ومؤسساته وقطاعاته المختلفة، وهو ما ينمّي روح المسؤولية لدى الجميع، ويحفّزهم على المشاركة في كل الجهود المبذولة لدعم عملية التنمية الشاملة بالدولة.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية