التدخلات التركية في منطقة الشرق الأوسط تفاقمت، بل وتجاوزت الإقليم إلى مناطق أخرى من العالم للتدخل فيها هي أيضاً، بعد أن لم تجد ما يردعها في سوريا والعراق وليبيا، لسبب قد يبدو غير واضح المعالم. وتعقيداً للوضع قامت تركيا بإبرام العديد من التفاهمات مع بعض القوى الكبرى، العالمية مثل روسيا والولايات المتحدة، والإقليمية مثل إيران. 
وخلال الآونة الأخيرة تصاعدت التدخلات التركية في الصراع على إقليم «ناغورني قره باغ»، حيث قدمت الدعم لأحد طرفي الصراع، وجلبت مرتزقة سوريين للقتال في المعارك الدائرة هناك، في حين أنه من المفترض أن تقوم برأب الصدع والتوفيق بين الأطراف المتصارعة، أو على الأقل الوقوف موقف الحياد في صراع يذهب ضحيته الأبرياء، كما هي طبيعة الحال في كثير من صراعات العالم.
وكذلك التدخلات التركية في ليبيا وسوريا والعراق، فهي أيضاً تدخلات مدانة ولا طائل من ورائها سوى تأجيج التوتر والعنف وتوفير فرصة للتطرف وجلب المزيد من الخراب والدمار للبلاد والعباد وزيادة أرقام القتلى والجرحى. وفي حالة ليبيا مثلاً، جلبت تركيا الإرهابيين الأجانب إلى هذا البلد العربي، متعللة باتفاق باطل مع «حكومة الوفاق» في طرابلس، لتحقيق أهداف اقتصادية وعسكرية وسياسية لأنقرة في ليبيا والبحر الأبيض المتوسط ومنطقة شمال أفريقيا. وقس على ذلك بقية تدخلاتها الأخرى في المنطقة، خاصة في العراق وسوريا. 
ومن ناحية أخرى، يتوجب القول، وحسب إجماع العديد من المراقبين السياسيين في العالم، بأن التدخلات التركية تنذر بمخاطر مواجهة عسكرية مع دول لديها مع تركيا توافق كبير في العديد من المجالات! وعلى الصعيد الأوروبي، فإن التدخلات التركية تؤثر بطريقة سلبية جداً، حيث يرى الأوروبيون أن تركيا تؤدي دوراً يصعّد التوتر السياسي في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا بشكل كبير، مما قد يؤدي لعواقب وخيمة. 
هذا، وبناءً على العديد من التحليلات السياسية، والتي تتوافق مع رؤيتنا لمسألة التدخل التركي في ليبيا من خلال مذكرة التفاهم المعقودة بين تركيا وحكومة «السراج» حول التعاون الأمني والعسكري وترسيم الحدود البحرية، فإن هذا التدخل يمثل تهديداً حقيقياً وانتهاكاً صارخاً للأمن والسيادة الليبيين كما يمثل تهديداً لمنطقة حوض الأبيض المتوسط، وقد أدى ويؤدي لزيادة تعقيد الموقف في ليبيا خاصةً. هذا علاوة على أنه، وكما أسلفنا في مقالات أخرى، يتوجب القول بأن ما تقوم به تركيا من تدخلات هو استثمار من أجل استفزاز دول منطقة الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط، خصوصاً الدول التي أبرمت اتفاقية الغار الطبيعي فيما بينها، وتضم مصر واليونان وقبرص. كما تنم تلك التدخلات عن عدم اكتراث من جانب أنقرة بالتداعيات الخطيرة لسياساتها على شعوب ليبيا والعراق وسوريا وعدم مراعاتها حرمة هذه البلدان وسيادتها، وما يمكن أن تفضي إليه هذه التدخلات التركية من تعقيدات قد تستمر عقوداً في هذه البقعة من العالم!
من هنا فإنه لا يمكن وصف التصرفات التركية في المنطقة سوى بالتصرفات التخريبية التي تضع مصلحة فاعليها فوق أي مصلحة أخرى أياً كانت، ولا مانع لديهم أن تكون على حساب شعوب مغلوبة على أمرها. وبالفعل فالسياسة التركية تدوس على تلك الشعوب لتحقيق مآرب أردوغان الخاصة، ما يعيد إلى الأذهان سياسة الاستعمار البغيض الذي لطالما عانت منه الكثير من شعوب الأرض لاسيما شعوب منطقة الشرق الأوسط!
ٌ
*كاتب كويتي