حظيت الهند ذات يوم بأسرع الاقتصاديات نمواً. لكن البلاد تواجه الآن أسوأ تباطؤ لها منذ ما لا يقل عن عقدين من الزمن، بعد أن فاقمت جائحة فيروس كورونا مشكلات البلاد الاقتصادية القائمة. وانكمش الاقتصاد الهندي بنسبة 23.9% في الربع الممتد من أبريل إلى يونيو، وهو الربع الأول من السنة المالية، وفقاً للنظام الهندي. وأظهرت البيانات الحكومية أن أداء الاقتصاد الهندي في أسوأ حالاته منذ عام 1996، حين بدأت البلاد لأول مرة تنشر البيانات الفصلية للإنتاج المحلي الإجمالي. وكشفت البيانات عن انكماش التصنيع بنسبة 40.7%، والإنشاءات بنسبة 50.3%، وقطاعات التجارة والفنادق والنقل والاتصالات بنسبة 47%. ومن الأمور الإيجابية النادرة أن قطاعات الزراعة والغابات وصيد الأسماك نمت بنسبة هامشية بلغت 0.4%، لتصل إلى 3.4%. 
ولا يتقدم على الهند إلا بيرو وماكاو من بين الدول التي تعرضت لأقسى انكماش، من بين 54 دولة سجلت أرقام الإنتاج المحلي الإجمالي لهذا الربع، وفقا لـ «تقييم كير». ويتوقع أن تظل الهند متخلفة عن جميع الاقتصادات الأخرى تقريباً، بعد أن كانت تعتبر ذات يوم محرك الاقتصاد العالمي. ويرتبط الأداء الضعيف للاقتصاد الهندي بضعف الدخل المتوافر وعدم اليقين بشأن توقعات خلق فرص العمل. وواجهت الهند بالفعل تباطؤ الاقتصاد ومشكلة نمو البطالة، حتى قبل أن تتسبب جائحة فيروس كورونا في عرقلة الاقتصاد. 
وأعلنت الحكومة عن حزمة مالية بقيمة 1.7 تريليون روبية تتضمن تحويلات نقدية مباشرة وطعاماً مجانياً، وأعلنت أيضاً عن حزمة اقتصادية بقيمة 20 تريليون روبية تتضمن قروضاً من دون ضمانات للشركات الصغيرة. لكن هذا لا يعتبر دعماً للاستهلاك. وتضرر استئناف النشاط الاقتصادي أيضاً، لأن حكومات الولايات واصلت تنفيذ عمليات إغلاق محدودة مثل حظر التجول الليلي، والإغلاق في نهاية الأسبوع، للحد من عدد الإصابات المتزايدة داخلها. 
والحكومة الاتحادية في الهند تحرص على الدفع نحو النمو الاقتصادي، ولذا أعلنت أن حكومات الولايات لا يمكنها فرض عمليات إغلاق دون موافقة اتحادية، رغم أن الهند مازالت من أكثر البلدان تضرراً. ويُنظر إلى عمليات الإغلاق على أنها شيء من الماضي، رغم تسجيل أكثر من 5 ملايين حالة إصابة في الهند التي احتلت مرتبة ثاني أكثر الدول تضرراً بعد الولايات المتحدة في عدد الإصابات والوفيات. وتشهد الهند أيضاً حالات إصابة يومية مرتفعة تحوم حول 100 ألف حالة يومياً. وتصاعد الحالات يرجع إلى زيادة الاختبارات ووصول الفيروس إلى أجزاء جديدة من الهند. 
وهناك بعض الشك في أن الحل لا يكمن في عمليات الإغلاق، التي لم يكن لها تأثير كبير على انتشار الفيروس، لكنها عرقلت الاقتصاد. ولا تستطيع الهند اتخاذ أي إجراءات تعرقل الاقتصاد، لأن تأثير تباطؤ النمو سيضر بالسكان أكثر مما يعرقل انتشار الفيروس نفسه. وفي هذا الوضع العصيب يتعين على البلاد السيطرة على الفيروس قبل معالجة مشكلة تباطؤ النمو بالفعل. 
تنبؤات المحللين ووكالات التصنيف الائتماني أشارت إلى أنه قد لا يكون من السهل على الهند التعافي، وأن الأمر سيستغرق وقتاً حتى تعود البلاد إلى نموها السريع السابق. كما أدى تباطؤ الاقتصاد إلى مخاوف من أن تتضرر بشدة مكاسب العقدين الماضيين في إخراج الفقراء من دائرة الفقر. وذكر البنك الدولي أن الوباء يزج بملايين الهنود في غياهب الفقر، في ظل هشاشة أوضاع نصف سكان الهند، بسبب فقدان الدخل والوظائف نتيجة الوباء. 
ومن الواضح أن الهند بحاجة إلى الإصلاح لأن مشكلاتها المتعلقة بالاقتصاد الهندي هيكلية أيضاً. ففي عام 1991، بدأت الهند تحرير اقتصادها، لكن ما تبقى من قواعد الترخيص خلق عقبات. وقوانين العمل المختلفة تجعل من الصعب على المصانع التعامل مع قضايا العمل.