من الممتلكات الفكرية التي ساقتها الخبرات، إصراري على تشبيه المهن وإن تعددت بالطب، فالكاتب طبيب النص، والمعلم طبيب الفكر، والمزارع طبيب التربة، وعلى شاكلته يضع كل صاحب اختصاص سماعته للمعاينة وعلاج المشكلة، ومن ذلك تتعاظم مسؤولية الإعلام والإعلام الجديد، ليس بوجود الأزمة فحسب، بل في ظل ترعرع طاقات إعلامية مؤهلة ومؤثرة على نطاق عالمي. 
إن وسائل الإعلام لا تقل أهمية وخطورة عن «اللقاح المنتظر»، للوقاية والعلاج من فيروس كورونا، ففي الوقت الذي يعتبر فيه بوصلة للطريق الصحيح، واتباع الأصح رغم وجود الصحيح، فإنه يشكل خطراً محدقاً ومتفشياً ولا يمكن تحاشيه إذا ما تم إهماله ولم يتم إثراؤه بالمعلومات اللازمة، ومواكبة التطورات الضرورية، واستحقاقه للثقة المجتمعية. 
وكما تظهر المهمة الجوهرية في وسائل الإعلام، بنقل الأخبار والمعلومات، فإنها أيضاً مسؤولة عن إدارة المخرجات الإعلامية الجديدة «وليدة الحدث»، باعتبارها أقوى أدوات التواصل الحديثة، وأكثرها انتشاراً وتحكماً في كيفية توجيه الخطاب الحضاري للمجتمعات الإنسانية التي تنهل من مشاربها الفكرية، دافعةً بإنعاش المشهد الثقافي والمعلوماتي في المجالات المختلفة، كما أنها تترجم القضايا والقرارات والتوجهات، وتعمل على تبسيطها وإيصالها للطاقات البشرية التي تمثل رافداً موازياً وهاماً لدولها، وشريكاً حقيقي في تقدمها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي.
لقد شهد العالم بأسره ظهور لغة جديدة، بمفرداتها التي تشكل ثقلاً معرفياً وثقافياً، حاملةً في جعبتها لغة عالمية مشتركة. وإنَّ «وحدة المصطلحات» و«اتحاد الاحتياجات» المتكررة بكثافة في كافة أرجاء العالم، ودون اختلاف أو تفاوت كبيرين، يضع وسائل الإعلام في مقدمة الصف، المسؤول عن تزويد المجتمعات بالمستجدات والأحداث الآنية، باعتبار السبق الصحفي لا يتنافى ودقة المعلومة التي تعتبر إحدى «ألفبائيات» مهنة الصحافة والإعلام، والتي يتناغم معظمها واحتياجات الجهات الإعلامية وقت الأزمات والكوارث. 
وبما أن البشرية تعيش زمن «انتعاش التحولات» الذي يشبه المد والجزر، فعلى الإعلام التساؤل والإجابة في ذات الوقت عن كيفية التواصل مع العالم، وإيصال رسالة تليق بالظرفيات الزمانية والمكانية، وبخاصة أن العالم واجه «كوفيد-19» على صفيح من نار، وخوف وقلق اجتماعي واقتصادي وأكاديمي وسياسي.

لقد تحول العالم إلى نموذج مصغر متعدد المختبرات (المنازل)، ليصبح أشبه ما يكون بمعهد للعلوم الطبية والصحة العامة. وامتد ذلك إلى البناء الفكري والسلوكي الذي حاول الأفراد التكيف معه بسبب الجائحة، فلم تعد العادات والسلوك كما كانت، ولم تحافظ «الكاريزما» الفردية على مرونة تصرفاتها مع نفسها ومع الآخرين. كما أصبح العالم كله، بمجتمعاته وأفراده، وعلى اختلاف فئاتهم العمرية، قادراً على التقدم إلى «امتحان مستوى» خاص بالتفاصيل الدقيقة لأنواع الكمامات والمعقمات والمنظفات.. بمسمياتها العلمية المختلفة. فبعد أن كانت إحدى لوازم المستشفيات والمراكز الصحية فحسب، أصبحت أساساً في كل منزل ومؤسسة ومدرسة وحافلة. إضافة للفضول المعرفي الذي أصبح يثار ويدفع الأفراد للاطلاع والقراءة والاستفسار حول قوانين كل دولة وإجراءاتها المتبعة، سواء في السفر والتنقل، أو في أعداد إصاباتها، أو احتياطاتها وإجراءاتها المكرسة لمجابهة الوباء والحد من انتشاره. 
إن الإعلام والإعلام الجديد، معوز لمعالجة إعلامية عميقة تكشف زوايا التغطية الإعلامية، وتظهِر استراتيجياتها من خلال إنتاج يعزز القيم، ويرفض المنحدِر منها، ويحفظ حق الشعوب في الحصول على المعلومة، ويولي ذلك ما أتيح من وسائل وأدوات.