على مدار عدة شهور، ورغم تقلبات الأنباء، تقدم نائب الرئيس السابق جو بايدن على الرئيس دونالد ترامب في استطلاعات الرأي على مستوى البلاد بخمس نقاط على الأقل، وفقاً لبيانات تجميع نتائج استطلاعات الرأي. وأحد الأسباب الرئيسية لهذا التقدم الميزة الكبيرة لبايدن وسط الأميركيين الأكبر سناً. فوفقاً لاستطلاعات الرأي القومية للناخبين بعد الإدلاء بأصواتهم عام 2016، فضّل 52% من الناخبين فوق 65 عاماً، الذين أيدوا مرشحي الحزب الجمهوري منذ عام 2004، ترامب على هيلاري التي حصلت على تأييد 45% منهم. وفي المقابل، تشير مجموعة من استطلاعات الرأي إلى أن بايدن إما أنه ضيَّق هذا الهامش أو فاز فعلياً بتأييد أغلبية الأميركيين كبار السن. وعلى سبيل المثال، توصّل استطلاع للرأي في منتصف سبتمبر المنصرم لشبكتي راديو «إن. بي. آر» و«بي. بي. إس» إلى جانب «ماريست كوليدج»، إلى أن بايدن يتقدم على ترامب محققاً 52% مقابل 46% لترامب وسط الناخبين المسنين المسجلين ومحققاً 51% مقابل 47% لترامب وسط المسنين الذين يرجَّح أن يُدلوا بأصواتهم. 
وقفز عدد كبير من المراقبين إلى ما يبدو أنه استنتاج بدهي مفاده أن كل هذا يتعلق بالجائحة. فقد كتبت ميشيلا كوليت في «نيويورك تايمز» في أغسطس تقول: «لا شك في أن سوء تعامل ترامب الشديد مع فيروس كورونا كبده أصوات المسنين الذين يواجهون مخاطر أكبر جراء كوفيد-19». 
والواقع أن تميز بايدن وسط كبار السن سابق على الجائحة بشهور عديدة. صحيح أن إدارة ترامب للأزمة ربما كلفته بعض الدعم، لكن هذا لا يكفي لتفسير خسرانه الدعم الذي حصل عليه منذ عام 2016 وسط كبار السن. فبيانات من «صندوق الديمقراطية»، وأيضاً مشروع «نيشن سكيب» التابع لجامعة كاليفورنيا -وهو عبارة عن مسح أسبوعي على الإنترنت ساعدتُ في إجرائه- تشير إلى أن بايدن تقدم على ترامب وسط المسنين المسجلين منذ صيف العام الماضي حتى قبل أن يظهر مصطلح «فيروس كورونا المستجد» في الوعي الشعبي. فقد كان بايدن يتقدم بواقع خمس نقاط في هذه الفئة. ولذا، فالحكمة التقليدية على خطأ فيما يبدو في هذا الصدد. 
وكي نكون منصفين لمن يؤيدون فكرة تأثير «كوفيد-19»، علينا أن نشير إلى أن التقدم بخمس نقاط قبل الجائحة أقل من نسبة التسع نقاط التي يتقدم بها بايدن في بيانات «نيشن سكيب» اليوم. وهذا أعلى من تقدم «الديمقراطيين» وسط الناخبين الأكبر سناً بصفة عامة على المستوى القومي. فالديمقراطيون الذين يخوضون السباق على مجلس النواب الآن يتقدمون بأربعة نقاط وسط كبار السن المسجلين، صعوداً من تقدم بواقع نقطتين في فبراير الماضي. ومن الجائز أن تعامل ترامب مع «كوفيد-19» عزز ميزة بايدن، لكن هناك أموراً أخرى كثيرة حدثت في هذه الفترة، مثل الكساد الاقتصادي الناتج عن الإغلاق، وواحدة من أكبر حركات الاحتجاج في التاريخ الأميركي، وهذا يجعل من الصعب الفصل بين التأثيرات المسببة. 
فهل من الممكن أن يكون كبار السن معارضين ببساطة لترامب ومستعدين للتغيير بصرف النظر عن هوية المرشح المعارض؟ هذا ليس السبب فيما يبدو. ففي مسح «نيشن سكيب» سألنا باستمرار الخاضعين للمسح عن الطريقة التي سيصوتون بها في سباق افتراضي يكون فيه السناتور بيرني ساندرز مرشحاً للحزب الديمقراطي. وكانت النتيجة أنه على خلاف تقدم بايدن بتسع نقاط وسط المسنين، تعادل ساندرز مع ترامب. 
صحيح أن الناخبين الأكبر سناً ربما تروقهم رؤية شخص من سنهم يخوض السباق، لكن هذا لا يميز بايدن كثيراً. فنائب الرئيس السابق يبلغ 77 عاماً وأكبر المرشحين سناً عن حزب كبير في التاريخ، لكن ساندرز وترامب في السبعينيات من العمر أيضاً. وحل اللغز يكمن ربما فيما يعتقد أنه اعتدال بايدن. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن بايدن يُنظَر إليه بصفة عامة باعتباره أكثر اعتدالا بالنسبة لترامب عما كانت عليه هيلاري كلينتون في سباق 2016. ففي استطلاع لـ«ايكونوميست» و«يوجوف» في مايو 2016، بلغت نسبة الناخبين المسنين الذين ينظرون لترامب باعتباره معتدلا 38%، مقابل 19% من المسنين الذين يعتبرون هيلاري معتدلة. وبالمقابل، يشير استطلاع للرأي لـ«ايكونوميست» و«يوجوف» في الآونة الأخيرة إلى أن نحو ربع المسنين يعتقدون بأن بايدن معتدل مقابل 13% منهم يعتبرون ترامب معتدلا. فقد تسبب اعتدال بايدن في ذعر داخل اليسار السياسي أثناء الانتخابات التمهيدية، لكن الناخبين المسنين راقهم هذا فيما يبدو. 
ومهما يكن من أمر سبب القوة النسبية لبايدن وسط المسنين، هناك ثلاثة أمور واضحة مع اقتراب الشهر الأخير من الحملة الانتخابية. فهذه الميزة واقعية وقائمة منذ أكثر من عام، وقد تميل بالتوازن في عدد من الولايات المتأرجحة نحو بايدن. وإذا ارتفع مد الديمقراطيين هذا العام سيكون للمسنين فيه دور مهم.

*مدير الأبحاث في مجموعة دراسة الناخبين في صندوق الديمقراطية 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»