صادفت يوم أمس الخميس الذكرى الـ 30 لليوم العالمي للمسنّين، الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1990، بهدف زيادة الوعي باحتياجات هذه الفئة من أبناء المجتمع الإنساني، ويأتي احتفال العالم هذا العام تحت شعار «حماية كبار السن خلال الأوبئة وما بعدها»، لتسليط الضوء على أهمية إيلائهم الاهتمام اللازم، خصوصاً في ظل الظروف التي يشهدها العالم إثر جائحة كورونا، ويؤكد ضرورة تقديم العناية والدعم الصحي والمعنوي لهم، إلى جانب الاحتفاء بالدور المهم الذي يقوم به العاملون في مجال الرعاية الصحية في العناية بكبار السن، وضمان تمتعهم بصحة جيدة. 
وفي دولة الإمارات يحظى كبار السن باهتمام وتكريم خاصَّين فهم «كبار المواطنين»، تقديرًا لهم وانطلاقًا من كونهم كبارًا في القدر والقيمة، وعرفانًا بما قدموه من عطاء وإخلاص في مسيرة بناء الوطن وإعلاء رايته، وما قاموا به من دور لا يمكن إغفاله.
إن تكريم هذه الفئة العزيزة على قلوبنا جميعًا هو نهج وتقليد راسخ، وقيمة من قيم المجتمع الإماراتي الأصيلة، وضمن هذا النهج وتأكيد هذا التكريم جاء توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتغيير مصطلح «كبار السن» إلى «كبار المواطنين»، واعتمد سموه «السياسة الوطنية لكبار المواطنين» للارتقاء بجودة حياتهم وضمان مشاركتهم الفاعلة والمستمرة ضمن النسيج المجتمعي في الدولة، مؤكدًا ضرورة تقدير مكانتهم في المجتمع، قائلًا: «كبار المواطنين هم كبار في الخبرة وكبار في العطاء، ولا يمكن تحقيق التماسك الأسري والتلاحم المجتمعي إلا بضمان الحياة الكريمة لهم».
لقد أولت حكومة دولة الإمارات اهتمامًا خاصًا بكبار المواطنين، وعملت على ضمان انسجامهم في المنظومة المجتمعية، كما نظّمت دورهم في نقل الخبرات والمعارف في أجواء وظروف تتناسب مع احتياجاتهم الصحية وتراعي رغباتهم ومتطلباتهم، فالاستفادة من خبراتهم ضرورة حتمية للتنمية المستدامة وفقًا لما نصّت عليه سياسة كبار المواطنين الوطنية، فأقرّت الحكومة قانونًا اتحاديًا لكبار المواطنين في عام 2019، بهدف ضمان حقوقهم وحرياتهم الأساسية، وتوفير الرعاية والاستقرار النفسي والاجتماعي والصحي لهم، وضمان حقهم في الاستقلالية والخصوصية واتخاذ القرارات الخاصة بممتلكاتهم وأموالهم ومكان إقامتهم، وحمايتهم من التعرض للعنف والإساءة والإهمال، بالإضافة إلى تعزيز الاستفادة من قدراتهم ودمجهم مع المجتمع بفئاته العمرية كافة، وحقهم في الاستفادة من الخدمات الاجتماعية من خلال مؤسسات كبار المواطنين والأندية والمراكز المجتمعية ووحدات الرعاية المتنقلة، بما في ذلك جمعية كبار المواطنين ودار كبار المواطنين، إلى جانب جعل مصلحتهم أولوية مهما كانت مصالح الأطراف الأخرى فيما يتعلق بطلبات السكن، وإنجاز المعاملات الحكومية، أو الحصول على المساعدات والخدمات الصحية. 
لقد كان للجهود التي بذلتها وزارة الصحة ووقاية المجتمع لخدمة كبار المواطنين الأثر الكبير في تحسين حياتهم وتوفير الراحة النفسية والجسدية لهم، وقد تمثلت تلك الجهود في توسيع برامج الرعاية الصحية والطبية، وتقديم الرعاية المنزلية، وخدمات العيادات الصحية المتنقلة المزودة بأفضل المعدات الطبية اللازمة، التي شملت جميع مدن الدولة.
وفي ظل الأزمة الصحية التي يشهدها العالم إثْر انتشار فيروس كورونا، سخّرت دولة الإمارات إمكاناتها في رعاية كبار المواطنين، فقدمت لهم خدمات إجراء المسح للكشف عن الفيروس مجانًا، وخدمة المسح في المنزل، وتوصيل الدواء إلى أماكن إقامتهم، وتقديم خدمة الاستشارة الطبية عبر الهاتف، إضافة إلى خدمات الرعاية المنزلية الأخرى التي يحتاجون إليها.
كبار المواطنين يمثلون مصدر فخر وإلهام لأبناء دولة الإمارات؛ فهم نبع الخير والعطاء والبركة، فمن نور حكمتهم يسترشد الشباب، وينهلون من أصالة مبادئهم القيم النبيلة، ولا تكاد تخلو المجالس من أحاديثهم الشيّقة التي يسردون فيها أخبار الزمان والمكان وذاكرة الأيام الماضية، وهم المدرسة التي يتعلم منها جيل اليوم المعاني الأخلاقية والوطنية كالصبر والجد والمثابرة والولاء والإتقان. وما يحملونه من إرث وتاريخي مليء بالمعلومات والمعارف والتجارب هو بلا شك ثروة حقيقية تفيد المجتمع، وتدعم قدرته على مواصلة تحقيق النجاحات والإنجازات.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية