إذا اعتبرنا أن إحدى القضايا السياسية تتكون من هذه الحروف «ب»، «ح»، «ر»، والتي تحمل كلمات متعددة ومعاني مختلفة، من «حرب» كمدلول على استمرار الصراع، إلى «حبر» حيث صك المعاهدات والمواثيق بين الطرفين وإقامة التواصل والسلام، ثم كلمة «بحر» كرمز لتقاسم العيش والتعاون، وأخيراً إلى كلمة «ربح» المختزلة للمكاسب المشتركة، فهذا السياق ربما يختزل العلاقات العربية الإسرائيلية، وخاصةً أن الفترة المعاصرة تكشف عن أهمية التعاون والسلام لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة.
فأولى العلاقات كانت بين سلطنة عُمان وإسرائيل، ولعل هذا الأمر يبدد بعض الغموض بأن عُمان كانت إلى جانب السودان والصومال في عدم مقاطعة مصر بسبب معاهدة السلام مع إسرائيل، تطورت العلاقة من مكتب تجاري إلى إنشاء المنظمة الدولية MEDRC عام 1996، كجزء من مسار السلام الفلسطيني- الإسرائيلي في الشرق الأوسط، وهي مكلفة بإيجاد حلول لندرة المياه العذبة، ومقرها مسقط، وإسرائيل ضمن أعضائها، وهذه المنظمة مثلت طريقاً لتقارب الرؤى الأميركية الإيرانية في الملف النووي، ومحلاً للزيارات.
أما العلاقة القطرية- الإسرائيلية، فقد كانت مدفوعةً لأسباب تخص النظام القطري، الذي حاول استغلال هذه العلاقة على حساب المصالح العربية، بدأ هذا المسعى تحت القيادة الجديدة آنذاك، المتمثلة بالأمير حمد بن خليفة آل ثاني، ففي أبريل 1996 بدعوة من أمير قطر، افتتح رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك شيمون بيريز مكتباً تجارياً إسرائيلياً في الدوحة، وآخر في عُمان بشكل رسمي في نفس الرحلة، واستضافت الدوحة القمة الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) في نوفمبر1997، ووقعت إسرائيل على إنشاء منطقة التجارة الحرة في مدينة إربد الأردنية. 
العلاقات الإماراتية- الإسرائيلية، أتت في سياق تطور العلاقة الإماراتية- الأميركية، حيث استطاعت أبوظبي بدبلوماسية نشطة أن توضح صورتها ومساعيها الإقليمية والدولية في السلام والتنمية، وتحقيق الأمن في المنطقة لدى المشرعين والساسة من كلا الحزبين «الجمهوري» و«الديمقراطي» في واشنطن.
وقد نجحت الإمارات في الحصول على ثقة دولية عالية في مساعي التنمية وسياسة التعاون والسلام الدوليين، ومؤشرات ذلك استضافة أبوظبي المقر الدائم لمنظمة «آيرينا»، الوكالة الدولية للطاقة المتجددة التابعة للأمم المتحدة، وإسرائيل من بين أعضائها، إلى جانب إقامة محطة نووية سلمية بترحيب أميركي، وعدم وجود معارضة دولية. 
بالفعل، رؤية وسياسة ودور الإمارات في السلام والتسامح وتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة، والانفتاح على العالم، وخلق توازن للقوى في المنطقة، جعل مملكة البحرين تخطو معها مسار إقامة علاقات مع إسرائيل بشكل رسمي، مع الاستمرار في كافة أشكال الدعم للقضية الفلسطينية، وهذا المسار يمثل جزءاً محورياً من سياسة الولايات المتحدة في إحلال السلام وتحقيق الاستقرار وتوازن القوى في الشرق الأوسط.
نحن أمام مرحلة جديدة مرتبطة بقبول دور إسرائيل الأمني والتنموي في منطقة الشرق الأوسط، لذا يجب على «فتح» و«حماس» البحث في ملفاتهما لِيريا أين وصلا بالقضية، وألا يدَّعيا أنهما يمارسان الميكافيلية، وحان الوقت إلى إعادة تشكيل قيادة موحدة للشعب الفلسطيني تحت أيدي ودماء جديدة تدرك المتغيرات الإقليمية والدولية والأبعاد السياسية، وتجيد لغة المصالح وإدارة الصراع، وتحقيق التعاون وإقامة الدولة الفلسطينية.