عندنا ظهرت المنظمات الإرهابية في العالم، كان العرب والمسلمون أكثر المتضررين من فتكها. هذه المنظمات المتطرفة والمسلحة تقتل وتُكفّر الناس. وجميعها سواء «القاعدة» أو «داعش» والميليشيات الطائفية الإرهابية، شوّهت سماحة الدين الإسلامي الحنيف، وشوّهت أيضاً تاريخ العرب، وألصقت به سمة التطرف والإرهاب والعنف والقتل والدماء والتشدد والغلو، بل إنها سعت لتفكيك هوية الدول العربية وإلحاق الضرر بلحمتها الوطنية، ومزّقتها من الداخل شر تمزيق، وعطلت التنمية والنمو والتطور والرخاء والبناء، وزرعت الذعر، وأثارت الفتن بين المجتمعات المتصالحة وبين المذاهب.
ومع ظهور وتفشي مرض (كورونا)، الذي لم يجد له علاج لحد الآن مطلع العام الجاري 2020، ورغم استنفار العالم كله للتصدي لهذا الوباء المستشري. ها هو يعود من جديد أكثر فتكاً، يضرب ضربته الثانية، حسب تقارير منظمة الصحة العالمية.
هذا الفيروس القاتل، فتك بالدول وأرعبها، وتسبب في إفلاسها، وادخل الناس في حجر صحي مرغمين ومذعورين، ومنعهم من العمل والسفر والنشاط والتحرك والاختلاط والتقارب. وعطّل كل حركات العالم، وشل موارده ومصادره، وتقوقع الناس في مخابئهم حتى منعهم من دور العبادة والصلاة.
توقع الكثير من المراقبين والمتابعين لهذا الحدث المزعج المستجد، أن تظهر من جديد منظمات إرهابية ومنها (داعش)، التي تشكلت عام 2003، بعد سقوط بغداد واحتلالها من قبل الأغراب، وأن تبطش من جديد مستغلة الظروف الصعبة التي تعيشها معظم بلدان العالم، وتستفيد من قلة الحركة والفتور. وتوقع البعض أن تظهر «داعش» وتحتل أماكن، وتستولي على مناطق حيوية مهمة وخطيرة، أي أنها قد تعيد نشاطها، بعد أن أصابها الأفول والانكماش والتقهقر ومُنيت بالهزيمة وباتت تعاني من الانكفاء والتقوقع وبدأت تتلاشي.
وتوقع الكثير أن تنشط «داعش» أثناء هذه الفوضى، مستفيدة من الخوف والذعر ومن أجواء القلق والتواتر والفراغ التام والسكون والخمول، إلا أن المراقب للحدث فوجئ بانكفاء وغياب وتلاشي واختفاء هذا التنظيم المسلح الخطير عن الأنظار. وغاب الدور التخريبي المرعب، الذي كان يصول ويجول ويقتل، ويفتك ويسفك الدماء ويهدرها، في أكثر من مكان في الوطن العربي وحتى العالم كله.
ونتمنى أن لا يعود إرهاب «داعش». ويتساءل الكثيرون ما علاقة كورونا المرعبة بتنظيم «داعش»؟ هل ثمة تناغم وانسجام بين كلا الطرفين المخيفين، اللذين غزوا المنطقة من كل حدب وصوب وأرعبا العالم بأسره؟ ولماذا خمدت «داعش» وتوارت عن الظهور؟ وكأنها أوكلت مهمة الخراب لفيروس «كورونا»؟!
الإرهاب والتطرف وباء مثله مثل كورونا وغيره من الفيروسات الضارة الفتاكة. فلا يزال التطرف وما ينجم عنه من إرهاب وعنف، هو الأخطر على المجتمعات، والخطر نفسه ينطبق على أنشطة الميليشيات الإرهابية الطائفية المتطرفة، التي توسعت ونشطت وأوغلت بالإجرام والقتل وتشريد وتهجير الناس من منازلهم ومناطقهم.
وثمة تساؤل: أثناء كورونا وقبلها وبعدها، هل أوكلت (داعش)، المهمة لغيرها وأصبحت تتفرج على الجميع بعين ثاقبه من وراء الحدود، كما يتفرج علينا الآخرون ونحن نتقاتل ونتناكف ونتنازع، ونختلف ونتنابز ببأس الألقاب، كأننا في أيام الجاهلة؟!
المأمول أن تتخلص المنطقة والعالم من خطر فيروس كورونا، وأيضاً أن تنجح منطقتنا في التخلص من خطر الإرهاب بكل صنوفه وألوانه وأنواعه. فبالتأكيد يريد الإهاب ومن يقف وراءه، أن يصيب أمتنا بالفشل التام وجعلها تعيش معوقة ومتأخرة عن غيرها من الأمم.
*كاتب سعودي