استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها عام 1971 أن تكرس قيم التطوع الإنساني في المجالات كافة، وقد بذلت مؤسسات الدولة المعنية جهوداً كبيرة في سبيل دعم التضامن الإنساني عبر بوابة التطوع لتعزيز القدرة على مواجهة التحديات الإنسانية على المستويات الإقليمية والدولية، ومن ثم، حجزت الدولة لنفسها مكانة مهمة كقوة خيرية رائدة على الصعيد العالمي عبر مبادراتها وإسهاماتها التطوعية المتنوعة.
والحاصل أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتميز بالفعل بتجربتها الريادية في مجال العمل التطوعي، وهي تبعث عبر جهودها المستمرة في هذا السياق رسالة سلام وتضامن إلى العالم، تنطوي على التوعية بأهمية التكاتف والتعاون بين مختلف فئات المجتمع في دول العالم، لتكريس الوعي المجتمعي، وخلق مناخ من شأنه تعزيز التنمية المستدامة وتأسيس مستقبل واعد للأجيال القادمة، انطلاقاً من نهج القائد المؤسس المغفور له،، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وبما ينسجم مع المبادئ والقيم الأخلاقية والإسلامية الراسخة في نفوس أبناء وبنات الإمارات.
وتشترك مؤسسات تطوعية عدة داخل الدولة في تنظيم العمل التطوعي والمبادرات المتنوعة لخدمة المجتمع، وفي ظل الظروف التي يشهدها العالم، بعد تفشي جائحة كورونا كثفت الدولة جهودها الإنسانية لتثقيف العمال بمدى أهمية الالتزام بالإجراءات الاحترازية للحفاظ على صحتهم وتقليل احتمال إصابتهم بالفيروس، ومن أبرز هذه المبادرات «مبادرة التوعية الصحية العمالية التطوعية» التي أطلقها، تحت شعار «لا تشلون هم»، برنامجُ الشيخة فاطمة بنت مبارك للتطوع برعاية كريمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، «أمّ الإمارات»، حيث تعمل هذه المبادرة على استقطاب الكفاءات الطبية من العاملين في خط الدفاع الأول، وتمكينهم لخدمة مختلف المجتمعات محلياً ودولياً. وتهدف المبادرة إلى التوعية الصحية للعمال بمخاطر جائحة كورونا، وتثقيفهم في المجال الصحي عبر استخدام الحافلات المتنقلة، حيث شارك فيها متطوعون مختصّون من سفراء الإمارات للتوعية والتثقيف الصحي، حيث ركزت المبادرة على نشر الوعي بين العمال بأهمّ الأمراض، خصوصاً الوبائية منها، ومعرفة كيفية الوقاية والعلاج، إضافة إلى تمكين أطباء الإمارات من التطوع الصحي في سبيل خدمة مختلف فئات المجتمع، ومن ترسيخ قيم العطاء بينهم.
وفي ظل سعي دولة الإمارات المستمر إلى توعية العمال خلال الفترة الماضية وإرشادهم بمخاطر فيروس «كورونا»، قامت دوريات المرصاد في شرطة أبوظبي بتنظيم حملات متنوعة للعمال بأربع مناطق بمصفح، في أبوظبي، بعد تفشي الجائحة، عبر إرشادهم بعبارات مختصرة بالنصائح الضرورية التي يجب اتباعها لتفادي الإصابة بالفيروس، بهدف الوصول إلى أكبر عدد من العمالة المتواجدة في القرى والمدن العمّالية حتى تصل التوعية بشكل مباشر إلى المستهدَفين كلِّهم. كما شملت الجهود المبذولة في هذا السياق تفعيل الإجراءات الاحترازية الأساسية عبْر تركيب الكاميرات الحرارية لقياس درجة حرارة العمال في بوابات المدن العمالية في إمارة أبوظبي، وتعقيم المساكن والممرات، إضافة إلى الفحص اليومي لجميع العاملين من قبل إدارة المدن العمالية قبل دخولهم المدن.
لقد أصبحت مؤسسات الإمارات المعنية تقوم بدور فاعل في ترسيخ ثقافة العمل التطوعي الذي يحظى بأهمية كبيرة لدى القيادة الرشيدة، وقد قطعت هذه المؤسسات شوطاً كبيراً في ترسيخ ثقافة العمل الجماعي ونشر قيم التطوع بين أفراد المجتمع، على نحو كرّس الحسّ الإنساني، وعزز قيم المسؤولية المجتمعية المشتركة، ولا شك أن هناك مبادرات مهمة للغاية كان لها دور كبير في نشر الوعي بأهمية التطوع، كما كان للحملات المختلفة التي تنظَّم في الدولة بشكل مستمر دور كبير في هذا السياق أيضاً، ومن هذا المنطلق، وفي سياق هذه الحملات والمبادرات، اتخذت الدولة جميع الإجراءات الوقائية لحماية فئة العمال.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.