معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل التي سيجري التوقيع عليها اليوم في العاصمة الأميركية واشنطن، أخذت الكثير من التعليقات والآراء بين مؤيد ومعارض في الفضاء العربي، في ما يعدّ قرار الإمارات في الإقدام على هذه الخطوة الجريئة - والمفاجئة كما وصفها البعض - قراراً سيادياً، بمعنى أنه كان بإمكان دولة الإمارات اتخاذ مثل هذا القرار من دون ربطه بأية قضية أو شروط، لكنها لم تفعل ذلك بل ربطته بما يفيد فلسطين وشعبها، ومن يطلع على ما رشح من بنود الاتفاق باللغتين، سيتأكد له أن فلسطين لم تغب لا في معاهدة السلام الإماراتية - الإسرائيلية، ولا في وجدان القيادة الإماراتية، فضلاً عن أنها راسخة في وجدان الشعب الإماراتي والشعوب العربية كافة، ويكفي الإشارة في هذا السياق إلى الفيديو الذي بثه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان موجهاً كلمة إلى أهلنا الفلسطينيين في الإمارات، يطمئنهم بأن هذا الاتفاق لم يأت على حساب القضية الفلسطينية ولا على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، وإن الإمارات ستبقى حزاماً وسنداً. إن خيار السلام كان ولا يزال خياراً استراتيجياً عربياً، ما يعني أن الجميع العربي يتبنى هذا الخيار، ويعمل على تحقيقه في الوقت الذي يراه مناسباً، وبالطريقة التي يرى أنها لا تأتي على حساب القضايا العادلة للشعوب، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ولا تضر بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. 
من يعرف الإمارات بمنظومتها القيمية والإنسانية، ووقوفها الواضح إلى جانب القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومساندتها لها، سيعي تماماً ما ذهبنا إليه. إن بعض أهلنا العرب ممن (هجموا) على هذا البلد القمين بالحب، رغم اختلاف منطلقاتهم جاءت غير مبررة، فمنهم من غضب وحرض للآخرين، ومن عاتب وانتقد وتفهِّم للتحديات، ومن كان غيوراً ومحباً خشيَّ أن تتعرض الإمارات لمكروه أو لتآمر ما. وأمام هؤلاء على اختلاف منطلقاتهم، ظلت الإمارات بحكمتها وفطنتها ووعيها وتجربتها، واقفة، تسندها منظومتها القيمية الراسخة وبذلها الإنساني، وحدبها وحنانها على شعبها، ورعايتها للإنسان أينما كان.. ظلت واقفة لا ترى جدوى في الرد على أولئك المتسرعين في غضبهم ونوبات جنونهم، لعلمها أن أية زوبعة، كما هي عادة الزوابع، ستهدأ وستتضح الرؤية، عندها سيرى الجميع حجم الحجر الذي حرك البحيرة الراكدة على أكثر من صعيد. 
*إعلامي وكاتب صحفي