مع إطلاق «الاستراتيجية الشاملة لأصحاب الهمم في إمارة أبوظبي 2020-2024»، السبت 12 سبتمبر 2020، تُحقّق منظومة تمكين أصحاب الهمم في دولة الإمارات العربية المتحدة تطوّراً نوعياً مهماً، يُضاف إلى جهودٍ مؤسسية تصاعدت وتيرتها في الدولة خلال السنوات الأخيرة. وقد حملت هذه البشرى تغريدةٌ لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، على موقع «تويتر»، قال فيها: «أطلقنا اليوم استراتيجية أبوظبي لأصحاب الهمم.. التزامنا مستمر نحو تمكين أبنائنا وبناتنا من أصحاب الهمم وتحقيق طموحاتهم.. مجتمعنا متلاحم ومتماسك يتساوى جميع فئاته في الاهتمام والدعم».
وتُبرز الاستراتيجية الجديدة تكامل الجهود المحلية والاتحادية التي تتضافر من أجل خدمة أصحاب الهمم، وتضمَن توسيع الأنشطة المعنية بتوفير أفضل الفرص لهم، وتطوير تجارب وخبرات متنوعة في رعايتهم تسمح بتبادل ثري للأفكار والممارسات الناجحة وتعميمها. كما تعمل الاستراتيجية الجديدة بتناسق مع خطط شاملة على المستويين المحلي والاتحادي، منها «السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في 18 أبريل 2017، لتكون إطاراً شاملاً للعمل على المستوى الاتحادي.
وينعكس هذا التكامل أيضاً في الطريقة التي أُعدّت بها الاستراتيجية، إذ قادت دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي عملاً دؤوباً شاركت فيه 28 جهة اتحادية ومحلية من الجهات ذات الصلة بقضايا أصحاب الهمم، وهو ما ضمِن للاستراتيجية الجديدة أن تضم خلاصة الخبرة والمعرفة التي تشكّلت عبر عقود من العمل، والتغطية الشاملة والمكتملة بحكم تعدُّد الزوايا التي تنظر منها كل جهة إلى قضايا أصحاب الهمم بحكم اختلاف تخصُّصاتها ومجالات نشاطها.
ويبدو التكامل أوسع نطاقاً في تركيبة فرق العمل المُكلَّفة تنفيذَ الاستراتيجية، وعددها ستة فرق عمل، إذ يضم كل فريق منها جهات حكومية واتحادية، وجهات تمثل القطاع الخاص، وممثلين للقطاع الثالث من خلال جمعيات أصحاب الهمم، وأصحاب الهمم أنفسهم وأفراد أسرهم. وهذه الفرق هي: فريق عمل محور «الصحة والتأهيل» بقيادة دائرة الصحة، وفريق عمل محور «التعليم» بقيادة دائرة التعليم والمعرفة، وفريق عمل محور «التوظيف» بقيادة هيئة الموارد البشرية، وفريق عمل محور «الرعاية الاجتماعية» بقيادة مؤسسة زايد العُليا لأصحاب الهمم، وفريق عمل محور «الوصول الشامل» بقيادة دائرة البلديات والنقل، وفريق عمل محور «الممكنات» بقيادة دائرة تنمية المجتمع.
وتكشف أهداف الاستراتيجية الجديدة عن تطوُّر نوعي يبدو جلياً في الهدفين الأولين، وهما «بناء ثقافة المجتمع على المنظور الحقوقي لأصحاب الهمم»، و«تفعيل دور أصحاب الهمم وأسرهم وتمكينهم من خلال إشراكهم في عملية التحول نحو مجتمع دامج»، إذ نجحت مسيرة تمكين أصحاب الهمم بالدولة في تحقيق الكثير من أهداف الدمج ووضْع الأطر التشريعية والقانونية وتنفيذ الخطط في مجالات التعليم والصحة والعمل، وأصبحت الأهداف تتعلق بتطوير الوعي المجتمعي والتأصيل الفكري لحقوقهم القانونية والإنسانية لدى مختلف قطاعات المجتمع، كما جاء في الهدف الأول، لأن هذا النوع من تطوير «البنية التحتية القيمية والفكرية» يمنح أصحاب الهمم الأساس الراسخ والصلب الذي يضمن استدامة حقوقهم واكتساب المزيد منها.
ويبدو في الهدف الثاني أن أصحاب الهمم أنفسهم قد غادروا تماماً منطقة التهميش والضعف، وأنهم مُؤهّلون الآن ليكونوا قوة دافعة في عملية الدمج المجتمعي، وهو ما سيُكسبهم مزيداً من الإحساس بقوتهم وفاعليتهم وتأثيرهم الإيجابي، إلى جانب إشراك الأسر بحكم دورها المحوري في رعاية أبنائها من أصحاب الهمم نفسياً وصحياً وتعليمياً، وهو دور لا غنى عنه لإنجاح الجهود التي تبذلها الدولة. أخيراً، فإن «الاستراتيجية الشاملة لأصحاب الهمم في إمارة أبوظبي 2020-2024» هي أحد النماذج التي يتجسّد فيها سعي دولة الإمارات إلى إعلاء إنسانية الإنسان، وتوفير كل الفرص من أجل حياة كريمة تُلبي حاجاته المادية والروحية.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.