كان احتفاء مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة وأشقائهم من كل الدول العربية بيوم ميلاد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في 7 سبتمبر 2020، تعبيراً عفوياً عن المكانة التي يحتلها هذا القائد الفذ في قلوب أبنائه من مواطني الدولة ومن مختلف أنحاء العالم العربي، والاتفاق على تقدير تجربته الملهمة في الحكم وقدرته على وضع اسم دولة الإمارات ضمن أعظم قصص النجاح على المستوى العالمي في العقدين الأخيرين، لتصبح تجربتها التنموية واحدة من التجارب التي تتلقى منها دول العالم، حتى المتقدمة منها، دروساً ثمينة.
لم يكن نجاح صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، في أن يحتل مكانه المرموق في تاريخ المنطقة والعالم بالأمر اليسير، ذلك أنه حل محلّ واحد من عظماء الإنسانية وحكمائها وقادتها الاستثنائيين، هو المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، لكن سموه أثبت أن القدرات الاستثنائية ليست قاصرة على قائد دون آخر في دوحة آل نهيان الثابتة أصولاً والشامخة فروعاً، وأن الحكمة والبصيرة والقيادة الملهمة ميراث لا ينقطع فيها جيلاً بعد جيل.
في الوسم الذي أُطلق على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» تحت عنوان «ميلاد رئيس الدولة» نرى فيضاً من المحبة التي تحيط برجل منح شعبه حياته بأسرها، حيث تحمَّل المسؤوليات الجسام وهو دون العشرين، فكان ممثلاً للحاكم في المنطقة الشرقية ورئيساً للمحاكم وهو في الثامنة عشرة من عمره، وولياً لعهد أبوظبي ورئيساً لدائرة الدفاع فيها وهو دون الحادية والعشرين. ويعني ذلك أن سموه كان مكلفاً بإنشاء نظام القضاء من الصفر في دولة جديدة، وتشكيل القوات المسلحة فيها. كما رافق مسيرة الاتحاد منذ كانت فكرة، إلى أن تجسدت في دولة ناشئة محاطة بالتحديات.
ولم تكن المناصب ترفاً في ذلك الوقت العصيب في ظل شح الموارد ونقص الإمكانات وغياب أي مظهر من مظاهر التنمية، لكن الله، جل وعلا، اختص سموه بميزتين هوَّنتا عليه الصعب: الأولى أنه نشأ في مدرسة زايد وتشرّب فيها فكرة الواجب والمسؤولية التي يتحملها القائد من أجل شعبه مهما بذل من نفسه وجهده. والثانية هي العزيمة الصلبة التي تحلى بها منذ الصغر، على الرغم من الهدوء والسماحة اللذين يغلفان محياه على الدوام، وهذه الصفة الأصيلة التي مكّنت سموه من قيادة الدولة بكل ثقة واقتدار، جعلته بالفعل خير خلف لخير سلف. 
صاغ صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، مع توليه حكم الدولة في نوفمبر 2004، خريطة طريق لدولة الإمارات تبني على ما تحقق من مكتسبات، لكنها لا تكتفي بها، بل تتطلع إلى مزيد من النجاحات المستقبلية، استناداً إلى رؤية واضحة المعالم والأهداف، وعمل دائب لا يعرف التوقف أو الكلل، وبفضل ذلك كله أصبحت دولة الإمارات نموذجاً تنموياً مشرفاً ومحل فخر لكل عربي ومسلم. 
وقد تجسدت رؤية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، لترسيخ نهضة الإمارات في المجالات كافة، في برنامج التمكين، الذي أطلقه سموه بالتزامن مع الاحتفال باليوم الوطني الرابع والثلاثين، الذي تحولت كل مفرداته إلى استراتيجيات وخطط عمل وخطوات ملموسة على الأرض. وبعد خمسة عشر عاماً على طرح هذا البرنامج الشامل، يمكن أن نرى أن ما وعد به القائد الفذ قد تحقق بكامله، بل إن ما تحقق اليوم يفوق ما كان مخططاً له. ويمثل الاحتفاء بيوم ميلاد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، محاولة لرد الجميل إلى قائد ووالدٍ بذل كل ما بوسعه من أجل أبنائه، فأحلّه أبناؤه الأوفياء في أعز مكان.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.