أقلت طائرة من شركة طيران العال مسؤولين إسرائيليين، وجاريد كوشنر وفريقه التفاوضي، من تل أبيب إلى أبوظبي، في رحلة استغرقت ثلاث ساعات و40 دقيقة. والرحلة لم تستغرق سبع ساعات، كالعادة، لأن المملكة العربية السعودية سمحت لشركة الطيران الإسرائيلية بالمرور عبر مجالها الجوي لأول مرة. وعبور الطائرة، في حد ذاته، هو بادرة على أن السعودية مستعدة لأن تقدم أكثر من مجرد الموافقة السلبية لاتفاق السلام الإسرائيلي الإماراتي الوشيك الإبرام. وعلى مستوى أعمق، تثير اللمحة السعودية الذكية سؤالين مهمين عن اتفاق السلام وهما: هل ستوقع دول عربية أخرى؟ وهل سيؤدي استعداد دول الخليج للتفكير في التوصل إلى السلام مع إسرائيل، دون التحرك نحو اتفاق سلام إسرائيلي- فلسطيني، إلى تغير في الاستراتيجية الفلسطينية في محاولة الحصول على دولة قادرة على القيام بوظائفها؟ 

ومن المؤكد أن معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل إنجاز كبير في السياسة الخارجية، حتى لو لم تتبعها دولة عربية أخرى من الخليج. فهذه أول صفقة سلام بين إسرائيل ودولة عربية منذ عقود. واحتاج التوصل إليها إلى مهارة ودأب، خاصة مع الأخذ في الاعتبار ضجيج الانتقاد الذي مفاده أن مبادرة «كوشنر» في المنطقة لن تثمر أبداً. لكن من الصحيح أيضاً أن الإمارات تتمتع بموقع فريد مكنها من التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل. 

والحال في الدول العربية الأخرى يتعلق الأمر بالرأي العام الذي يميل نحو قضية الفلسطينيين. ولهذا فمن غير الواضح، إلى حد كبير، مدى احتمال أن تنضم أي دولة عربية أخرى إلى الإمارات.

وأي دولة أخرى تنضم إلى الصفقة ستؤثر بالضرورة على السؤال الثاني الرئيسي، المتعلق بمدى تأثير هذا التغير على الاستراتيجية الفلسطينية بطريقة قد تعزز احتمالات التوصل إلى صفقة سلام مع إسرائيل. ومنذ تولى دونالد ترامب المنصب، أعلن خططه بشأن محاولة التوصل إلى سلام في الشرق الأوسط، كان النهج الفلسطيني في الأساس هو رفض أي خطة محتملة، باعتبارها غير عادلة، والإصرار على ألا تتوصل دولة عربية إلى سلام مع إسرائيل، في غياب تحقيق تقدم كبير صوب حل الدولتين. 
ومع الأخذ في الاعتبار ضعف الموقف التفاوضي الفلسطيني في ظل وجود ترامب رئيساً للولايات المتحدة وبنيامين نتنياهو رئيساً لوزراء إسرائيل، فقد كان نهج الرفض مفهوماً بالتأكيد. لكن هذا النهج فشل. فقد تغيرت القواعد فيما يبدو، وأصبح هناك دولة عربية تتوصل إلى سلام مع إسرائيل.
والعبرة لقيادات المستقبل الفلسطينية من كل هذا، هو أن تتوصل إلى استراتيجية جديدة. لكن ليس من السهل للقادة الفلسطينيين أن يقنعوا شعبهم بالجنوح لسلام يأتي لهم بشيء أقل من إقامة دولة قادرة على النجاح. لكن القيادة لن يكون لديها خيار آخر سوى المحاولة. وإذا كان الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي ينتقده بعض الفلسطينيين، فإن بمقدور الفلسطينيين أن يكسبوا من المساعدات، بالانضمام إلى الطاولة، وهم الآن أسوأ حالاً بكثير مما كانوا عليه قبل التوصل إلى الصفقة. 
ربما يواصل الفلسطينيون اتباع نهجهم الحالي، فاليأس قد يولد مزيداً من اليأس وليس نظرة براجماتية. لكن إذا كان هناك حركة بطيئة تنتقل من جيل إلى وسط القيادات الفلسطينية نحو تبني نهج مختلف، فربما يصبح اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل واحداً من العوامل المساهمة في هذه الحركة.
*أستاذ القانون في جامعة هارفارد 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»