بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة العام الدراسي الجديد بخطة متكاملة لضمان الحصول على خدمة تعليمية راقية للجميع، ولم تمنع جسامة التحديات الجهات المسؤولة في الدولة من التخطيط والترتيب من أجل حصول أصحاب الهمم على أفضل فرص التعليم في ظل المخاوف من انتشار «كوفيد-19»، وحاجة أصحاب الهمم إلى تلبية متطلبات خاصة بهم في عملية «التعليم عن بعد». وقد استبقت وزارة تنمية المجتمع، التي تتولى مسؤولية رعاية أصحاب الهمم في الدولة، العام الدراسي بتجهيز منصة تعليمية ذكية تحت اسم «خطة»، بدأ العمل فيها منذ أوائل عام 2020. ونظمت الوزارة منذ بداية أغسطس 2020 عملية لتدريب جميع الطلبة المنتسبين إلى المراكز التابعة لها على استخدام هذه المنصة ليكونوا مهيئين تماماً للاستفادة منها. 
وتتيح المنصة «تجاوز عقبة تعليم وتأهيل أصحاب الهمم ودعم ذويهم عن بُعد من خلال تطوير برامج تربوية وتأهيلية تسهل مشاركتها مع الأسرة ليتم تنفيذها في المنزل»، وفقاً لما صرّحت به الوزارة. كما تتيح المنصة أيضاً «للممارسين في مراكز أصحاب الهمم في مختلف إمارات الدولة تحديد مستوى المستفيدين من أصحاب الهمم وأسرهم بمنهجية علمية وتطوير وبناء خطط تعليمية وتأهيلية فردية في وقت قياسي، باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي ومتابعة مستوى التقدم بأقل جهد». وتزيد المنصة بذلك من حضور الجانب التقني في العملية التعليمية، بحيث يصبح الطلبة جاهزون للانخراط في بيئة عمل متقدمة يتزايد اعتمادها على التقنية باطراد. 
وتعكس هذه الخطوة اهتماماً بالغاً بأصحاب الهمم في الدولة، سواء من جانب المؤسسات الاتحادية أو المحلية، أو مؤسسات النفع العام، حيث تُكرّس هذه الأطراف جميعاً جهودها من أجل دعمهم وتمكينهم وتهيئة أفضل فرص التعليم والتدريب والتأهيل والاندماج في المجتمع، وتضم «السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم» التي أطلقت في 18 أبريل 2017، رؤية شاملة في هذا الشأن. وقد تصاعد الاهتمام بأصحاب الهمم في السنوات الأخيرة، وأصبحت دولة الإمارات ملتقى للفعاليات العالمية الخاصة بهم، فقد احتضنت «الأولمبياد الخاص- الألعاب العالمية، أبوظبي 2019»، الذي خصه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، برعايته ودعمه، ليكون أهم دورات الأولمبياد الخاص وأكبرها وأكثرها تأثيراً منذ تأسيسه.
وتُعدُّ منصة «خطة» دليلاً على تطورات مهمة وخطوات إلى الأمام على طريق تطوير التعليم في دولة الإمارات ومنطقة الخليج العربي، لأن هذه المنصة نتاج تعاون بين وزارة تنمية المجتمع وشركة «ينمو» في المملكة العربية السعودية، التي تسعى إلى «تقديم خدمات ذات جودة عالية لذوي الإعاقة من خلال المساهمة في تسهيل عملية التعلم». ولتحقيق هذا الهدف فإنها تعمل على تطوير قدرات الأطراف المشاركين في تعليم أصحاب الهمم، بدءاً من المعلمين والمشرفين والإداريين، وانتهاءً بأولياء الأمور. ومع أن الشركة أُطلقت في نوفمبر 2017، فإنها حققت نجاحات لافتة للنظر في فترة قصيرة.
وكان هذا التعاون بين الوزارة والمنصة السعودية تحت إشراف شركة «ابتكار» لحلول تكنولوجيا التعليم في دولة الإمارات، وهي شركة متخصصة في الحلول والمنتجات والخدمات التعليمية المبتكرة والقائمة على التكنولوجيا، التي تلبي احتياجات كل قطاعات التعليم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وتسهم الشركة في برامج يستفيد منها أكثر من 120 ألف طالب وطالبة، و300 مدرسة. ويؤسس التعاون بين الجهات الثلاث لشراكات خليجية متطورة في مجال التعليم، تستفيد من إمكانيات هذا القطاع الواعد، ولاسيما مع التجانس الثقافي والقيمي والتقارب الاجتماعي بين دولة الإمارات والمملكة، الأمر الذي يجعل التعاون في مجال التعليم قائماً على أسس وطيدة ومفيدة للجانبين.
إن إطلاق منصة «خطة» يمثل خطوة متقدمة على طريق تمكين أصحاب الهمم، وقد سبقتها جهود ناجحة في مجال تعليمهم وتأهيلهم، ليكونوا مشاركين فاعلين في مسيرة التنمية، في الدولة التي تتقدَّم بثبات إلى مواقع الصدارة في كل المجالات.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.