يزداد الانزعاج من السياسات الإسرائيلية بين يهود الولايات المتحدة الأميركية، وبالذات في ظل العلاقات الوطيدة بين حكومة بنيامين نتنياهو وإدارة دونالد ترامب. وبحسب «عدينا فوغل ألون» مديرة مكتب منظمة «جي ستريت» في تل أبيب، المنظمة الأميركية الداعية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بالطرق السلمية: «تحولت إسرائيل أكثر فأكثر إلى قضية انقسام في الولايات المتحدة، انقسام بين الحزبين، انقسام داخل الحزب الديمقراطي، وانقسام داخل المجتمع اليهودي».
ولعل أكثر ما عبر عن عمق الفجوة بين إسرائيل ويهود الولايات المتحدة ما أشار إليه تقرير وكالة الأنباء اليهودية «JTA» (مقرها نيويورك وتعنى بأخبار الجاليات اليهودية حول العالم) حين منح مسؤولون في «لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية» (أيباك)، ضوءاً أخضر لمشرعين في الكونجرس الأميركي، لانتقاد مخطط الحكومة الإسرائيلية بضم مناطق من الضفة الغربية المحتلة، جاء بعده، خروج ثلاثة أعضاء يهود في مجلس الشيوخ هم (تشاك شومر) و(بن كاردين) و(روبرت ماندوز) بانتقادات مباشرة أوضحوا فيها أن الضم يلحق «بإسرائيل» الأذى وبكثير من الأضرار السياسية والعسكرية، وقد يدخلها في صدام مع المؤسسة الأميركية الحاكمة في المستقبل. ومع ذلك، يواصل اليمين الإسرائيلي المتشدد شن هجومه على يهود الولايات المتحدة المنتقدين لسياسات الضم، سواء من مؤيدي الحزب «الديمقراطي»، أو من أتباع التيار الإصلاحي المتضاد مع التيار الأرثوذكسي. وفي موقف يعكس الانقسام الحزبي من قضية الضم، يؤيد الحزب «الجمهوري» الخطة، معتبرا أن «إسرائيل لديها حق تنفيذ أي سياسة تراها مهمة لأمنها». بالمقابل، يحذر الحزب «الديموقراطي» من الخطة باعتبارها تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، وتعرقل أي محادثات سلام محتملة، و«حل الدولتين»
لطالما انتقدت الغالبية العظمى من اليهود الأميركيين السياسة الإسرائيلية في عهد (نتنياهو) خاصة ما يتعلق بالسياسات الاستعمارية/ «الاستيطانية» التي تقتل «حل الدولتين». لكن الجديد الذي تراه الكاتبة الأميركية اليهودية (فوغل ألون) أنه «في ظل الضم أحادي الجانب، تحولت الانتقادات إلى يأس يرمز إلى بداية مسار خطير في صلبه بداية انقطاع المجتمع اليهودي عن دعم إسرائيل، وعن إيمانه بها دولة (الشعب اليهودي)». وفي السياق، كتب الأديب اليهودي الأميركي (أريك هـ. يوفي) يقول: «80% من يهود الولايات المتحدة يؤيدون إسرائيل ويحاربون من أجلها، لكن غالبيتهم يرفضون توجه رئيس وزرائها لضم الأراضي الفلسطينية». وأضاف: «يهود أميركا يؤيدون إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، وإن الضم سيهدد الأكثرية اليهودية فيها ويهدد ديمقراطيتها». وتابع: «نتنياهو يدير سياسة إسرائيل وفقاً لمصالحه الشخصية، وإن قرار الضم جاء بهدف التغطية على محاكمته بتهم الفساد، وليس لخدمة أي مصلحة إسرائيلية. وقد صدم بذلك مؤيدي إسرائيل في الولايات المتحدة». من جانبه، كتب الصحافي اليهودي (بيتر بينآرت) مقالاً في صحيفة «نيويورك تايمز» تحت عنوان «لا أؤمن أكثر بالدولة اليهوديّة»، عبّر فيه عن «عدم إيمانه بإمكانية قيام إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطيّة بسبب استمرار احتلال الضفة الغربية وقطاع غزّة». وقال: «الدفع بمخطط الضمّ أحادي الجانب يدفع إسرائيل، بعيون مغلقة، نحو كارثة لا يمكن منعها، سواءً لناحية علاقتها بداعميها الأميركيين، أو لناحية التهديدات الاقتصادية والأمنية الكثيرة الإضافية».
* كاتب ومحلل سياسي