أعلنت الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل عن الوصول إلى معاهدة سلام بين الدولتين، من شأنها فتح الباب نحو مستقبل أفضل في جميع أنحاء الشرق الأوسط. كما أغلقنا الباب أيضاً أمام ضم الأراضي، وخلقنا ديناميكيات جديدة في عملية السلام. إنه انتصار مهم للدبلوماسية ولشعوب المنطقة. 
ماذا تعني هذه المعاهدة للإماراتيين والإسرائيليين ولشعوب المنطقة؟ باعتبارهما من أكثر الاقتصادات حيوية في الشرق الأوسط وبفضل مجتمعهما النابضين بالحياة، فإن مباشرة علاقات اعتيادية بين الإمارات وإسرائيل هو أمر من شانه أن يسرع من آفاق النمو والابتكار، ويخلق الفرص للشباب، ويهدم الأفكار السلبية وأيديولوجيات التحامل والتحيز والتعصب، الضاربة الجذور في المنطقة.
هذه المعاهدة ستساعد المنطقة على تجاوز مرحلة الإرث المتوارث من الاضطرابات ومشاعر العداء والصراعات، إلى مصير أكثر تفاؤلاً بالسلام والازدهار.
لقد بدأت بالفعل العلاقات الاعتيادية بين الدولتين هذا الأسبوع، وستتقدم على مراحل. فبشكل سريع، أعلنا عن جهود جديدة للتعاون الثنائي حول مكافحة فيروس كورونا. وفتحنا قنوات اتصال مباشرة، عندما تحدث وزيرا الخارجية في الدولتين في مكالمة هاتفية لتبادل التهنئة بشأن المعاهدة.
وعلى المدى القريب، ستكون ثمة محادثات في مجالات السفر الجوي والاتصالات والشحن، والتعاون في مجالات الصحة والمياه والأمن الغذائي والتغير المناخي والتكنولوجيا والطاقة والثقافة والتعليم؛ وسيكون هناك تبادل للزيارات على المستوى الوزاري. وسيتبع ذلك تبادل للسفراء والبعثات الدبلوماسية. 
وستبدأ الحكومتان أيضاً العمل على تبادل تأشيرات الدخول للسياح والطلاب ورجال الأعمال. ومن خلال الرحلات المباشرة، ستوفر شركات الطيران الرائدة عالمياً لدينا وصولاً سريعاً إلى دولة الإمارات وخارجها إلى تقريبا كل وجهة سفر رئيسية على مستوى البسيطة. 
وفي الوقت الذي نحرز فيه تقدماً في مكافحة فيروس كورونا، فنحن نتطلع إلى الترحيب بالإسرائيليين لزيارة جناحهم وأكثر من 100 جناح آخر في معرض إكسبو الدولي في دبي، الذي سيعقد في أكتوبر من العام المقبل. في الإمارات يوجد أيضاً متحف اللوفر أبوظبي، ومسجد الشيخ زايد الكبير، وجائزة أبوظبي الكبرى للفورمولا1، وأكبر مركز تجاري في العالم، وأطول مبنى في العالم، وصحارى شاسعة وشواطئ جميلة، والعديد من المقاصد الأخرى التي يمكنكم القيام بها ورؤيتها في جميع أنحاء الإمارات. نحن نتطلع إلى اليوم الذي يمكن للإسرائيليين فيه زيارة دولتنا. 
وباعتبارها مركز الاستثمارات والمشاريع الناشئة والإعلام في منطقة الخليج، فإن الإمارات العربية المتحدة تتطلع إلى علاقات أعمق مع قطاعي التكنولوجيا المتطورة والمحتوى الرقمي في إسرائيل.
إن الخبرة الإماراتية الفائقة، ومركزها الدولي الريادي في صناعة الطاقة، سيفتحان آفاق تعاون كبيرة لإسرائيل في المنطقة. وهذا لا يقتصر فقط على مجال الهيدروكربونات، فالإمارات العربية المتحدة تعد من بين أكبر منتجي الطاقة الشمسية وتوليد الطاقة البديلة الأخرى الأقل تكلفة في العالم.
المجتمع الديني في الإمارات العربية المتحدة من المواطنين والمغتربين، هو بالفعل الأكثر تنوعاً وقبولاً للآخر في المنطقة. أفراد هذا المجتمع حريصون على زيارة إسرائيل وبناء علاقات أعمق، والجلوس معاً في عيد الفصح، أو إفطار رمضان، أو عشاء عيد الميلاد.
نحن نتطلع بالطبع إلى الترحيب بالإسرائيليين للزيارة والعبادة في المركز الإبراهيمي الذي سيتم بناؤه قريباً في أبوظبي، وهو مجمع متعدد الأديان، سيشمل مسجداً وكنيسة ومعبداً يهودياً في ذات الموقع. هناك الكثير مما نتطلع إليه، فكما كتبت في مقال لي في يونيو الماضي، هذه هي الجوانب الإيجابية لعلاقات أفضل. في الوقت نفسه، لا تزال منطقتنا في حالة اضطراب شديد.
فالحوكمة الضعيفة والطائفية والتدخل الإقليمي، كلها ظروف هيأت البيئة المناسبة للأزمات والصراعات. إن توسع الفكر الديني الأصولي بكل أطيافه يُحرّض على التطرف ويقوض الاستقرار. فتلك القرون من سوء الفهم وعقود عدم الثقة بثت بذور العدوان.
بيد أنه بفضل ما تم من إنجاز، فقد اختارت الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل الدبلوماسية والتعاون، كمسار مفضل، لمواجهة هذه التحديات. مع الولايات المتحدة، سنعمل أيضاً معاً على تعزيز أمننا الجماعي. 
إن تحسن الوعي والقدرات في مواجهة المخاطر يمنح الطمأنينة والشعور بالثقل في التأثير. وسيتيح ذلك المزيد من فرص الحوار بين دول المنطقة. الهدف النهائي هو تشجيع بلورة فكر جديد حول النظام الإقليمي، وخلق عقلية أكثر تفاؤلاً، وتخفيف التوترات.
ربما تكون النتيجة الفورية والأكثر أهمية لإعلان المعاهدة، هو قرار إسرائيل بقبول التفاوض، ورفض العمل الأحادي الجانب، وتعليق خططها لضم الأراضي الفلسطينية. هذه النتائج توجد الوقت والمساحة لخلق ديناميكيات جديدة وطاقة إيجابية لعملية السلام، تحافظ على إمكانية الوصول لحل الدولتين على النحو الذي أقرته جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي. إن هذا الأمر يعزز استقرار الأردن، ويؤكد على أهميته في المبادرات المستقبلية.
وبهذه الروح، ستبقى الإمارات العربية المتحدة داعماً قوياً وثابتًا للشعب الفلسطيني - لكرامته وحقوقه ودولته ذات السيادة. فهم يجب أن يكون لهم نصيب من ثمار تلك العلاقات الاعتيادية. 
ونحن، كما فعلنا طوال خمسين عاماً، سنواصل الدفاع بقوة عن هذه الغايات. والآن، سنفعل ذلك بشكل مباشر، وجهاً لوجه، وسيتم تمكيننا من خلال حوافز وخيارات سياسية وأدوات دبلوماسية أقوى.
بالتأكيد، لن يتم حل هذا الصراع المستعصي وغيره من الصراعات في منطقتنا في لحظة. بيد أنها أيضاً لن يتم حلها أبداً عن طريق العنف اللامتناهي، أو السير في الطرق المسدودة نفسها. 
إن القدرات والإمكانات التي تتمتع بها المنطقة، وآمال شعوبها تتحطم. غير أنه في أكثر الأماكن اضطراباً على وجه الأرض ستحاول الإمارات وإسرائيل الآن تحدي هذا المصير. فنحن كدول شابة نحترم تقاليدنا، لكننا في الوقت ذاته لا ندع هذه التقاليد تحد من قدراتنا.
لقد بنى كل واحد منا مجتمعاً حديثاً موجهاً نحو المستقبل بفضل العمل والمثابرة. غير أنه كان ثمة سور بيننا يفصلنا. ثم تم فتح البوابة هذا الأسبوع، كي يتخطى الإماراتيون والإسرائيليون سوياً ذلك السور.
وشأن جميع الرحلات، ستكون هناك اكتشافات وصعوبات. في بعض الأحيان، قد نتجادل حول الاتجاه؛ لكن الوجهة واضحة ومؤكدة، وستظل دائماً نحو شرق أوسط أكثر سلاماً وازدهاراً وأملاً.
*سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة الأميركية