بين الأشخاص الذين كانت هوايتهم خلال الشهور القليلة الماضية هي التكهن بشأن الشخص الذي سيقع عليه اختيار جو بايدن ليكون رفيقه في السباق الانتخابي الرئاسي، كانت سيناتورة كاليفورنيا كاميلا هاريس دائماً في المقدمة. وهناك سبب يفسر ذلك: فقد كانت تستوفي كل الشروط والمواصفات المطلوبة.
بايدن كان أعلن أنه يعتزم اختيار امرأة. وبعد تصريحه بذلك، كان السؤال المنطقي التالي هو ما إن كانت تلك المرأة ستكون بيضاء. وهكذا اضطر تقريباً لاختيار امرأة غير بيضاء، وذلك نظراً لأن امرأة بيضاء كانت ستشكّل خيبة أمل كبيرة بالنسبة لكثير من «الديمقراطيين». 
هذا الأمر ترك «بايدن» أمام مجموعة صغيرة من المرشحات، ثم إنه كان ثمة أيضاً اختبار آخر كان على بايدن إجراؤه: فقد كان يواجه ضغطاً أكبر من المعتاد لاختيار شخص يؤثّر في الناس وينال إعجابهم كرئيس ممكن في حال توفي أثناء فترة رئاسته. وبالطبع، فإن عمره -- في سن الثامنة والسبعين، سيكون الرجل الأكبر سناً الذي ينصّب رئيساً في حال فوزه -- رفع الرهان بشأن اختياره. ولكنه كان أيضاً في حاجة لرفيقة في السباق «مستعدة منذ اليوم الأول»، لأن الكثير من رسالة حملته يتعلق بإعادة الطمأنينة، إذ سبق له أن قال إن رئاسته لن تكون مخاطرة. وكان على الاختيار الذي سيقوم به أن ينسجم مع ذلك. 
معيار التجربة في منصب رفيع أقصى عدداً من المرشحات اللاتي كن خلقن صخباً في وسائل الإعلام. فعلى سبيل المثال، «ستايسي أبرامز» كانت زعيمة في المجلس التشريعي للولاية في جورجيا، ولكن لم يسبق لها أبداً أن فازت بسباق انتخابي على صعيد الولاية. والنائبة «كارن باس» من كاليفورنيا غير معروفة على الصعيد الوطني، شأنها في ذلك شأن النائبة «فال ديمينغز» من فلوريدا. 
وإذا طبق المرء هذه المعايير – أنثى، غير بيضاء، وذات مظهر رئاسي – تضيق دائرة المرشحات المحتملات بسرعة لتصبح محصورة في مستشارة الأمن الوطني السابقة «سوزان رايس»، والسيناتورة «تامي داكوورث» من إيلينوي، وهاريس. وربما كان سيكون لدى «رايس» الامتياز في حال رأى «بايدن» أنه في حاجة إلى زميلة في السباق لديها إلمام بمواضيع السياسة الخارجية، ولكنه ربما يرى أن خبرته تفي بالغرض في هذا الجانب. فخلفيته الشخصية في السياسة الخارجية كانت أصلاً أحد أسباب اختياره ليكون رفيقاً لأوباما في السابق الانتخابي الرئاسي في 2008. ثم إن «رايس» ليست لديها أي خبرة في المناصب السياسية المنتخبة. وبالمقابل، كانت «هاريس» تستوفي معظم هذه المتطلبات – كما أنها الوحيدة من بين المرشحات الثلاث، التي سبق لها أن ترشحت للانتخابات الرئاسية.
والحق أن «هاريس» ليست قوة انتخابية ماحقة. فحينما كان «ديمقراطيون» آخرون في كاليفورنيا يحققون انتصارات مريحة، كانت تكافح وتواجه صعوبة في سباقها على منصب المدعي العام في كاليفورنيا في 2010. كما أن حملتها الانتخابية الرئاسية بدأت بداية قوية ولكنها سرعان ما خبت وضعفت. وفضلاً عن ذلك، فإنها هاجمت «بايدن» أثناء مناظرات الانتخابات التمهيدية بسبب معارضته لاستخدام الحافلات من أجل تحقيق الاندماج العرقي في المدارس في السبعينيات، وبعد ذلك اضطرت للاعتراف بأنها لم تكن تريد استدعاء هذا الموضوع، كما أبدت مواقف متذبذبة بشأن الرعاية الصحية. غير أنها مع ذلك تملك أفضل المؤهلات السياسية بين المجموعة التي كان يدرسها بايدن. 
وبالنظر إلى التعهد الديموغرافي الذي قام به بايدن، مثّلت هاريس الاختيار الأكثر أمانا. ولئن كان ثمة الكثير في مسيرتها السياسية، الذي لا يثير الإعجاب مثل سجلها في الحريات المدنية، إلا أنه يجدر بنا التوقف لحظة لتقدير وتأمل مغزى ودلالات حقيقة أن امرأة ذات أصول سوداء وهندية يمكن أن تُعتبر خياراً آمناً.
*محلل سياسي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»