يتضح كل يوم حجم الفجوة الكبيرة التي تعيشها دول المنطقة، ففي اللحظات التي نسمع فيها دولاً عربية يتم بها انطلاق أول مسبار فضائي عربي في رحلة علمية استكشافية إلى كوكب المريخ، وتشغيل أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي، نجد من جهة أخرى دولاً عربية تعاني من اضطراب مستمر: انفجارات كارثية تودي بخسائر بشرية ومادية، تفشي لميليشيات مسلحة طائفية، تحالفات مع أنظمة إقليمية مؤدلجة، لا تقدم سوى الشعارات العدائية للنظام العالمي، من دون تقديم أي مشروع تنموي يفيد العباد والبلاد. 
إن الاختلاف بين هاتين المجموعتين سببه اختلاف الرؤى، فعلى سبيل المثال، نجد أن الإنجازين اللذين شهدتها دولة الإمارات في أقل من أسبوعين من إطلاق «مسبار الأمل» وتشغيل «محطة براكة» للطاقة النووية يعود إلى رؤية القيادة الإماراتية النابعة من المدرسة الفكرية للشيخ زايد، رحمه الله، ولولا هذه الرؤية، لما تم الاستثمار في الكوادر الوطنية لتحقيق هذه الإنجازات بفترة وجيزة. 
إن الدول الساعية بقوة نحو التقدم تؤمن بالخطوات العملية، وتقيس مدى تطورها على ما تقوم به من إنجازات، وليس ما تطلقه من شعارات تحتاج إلى محيط إقليمي يدعم هذا التوجه، لكن للأسف منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق اضطراباً، وهذا ما يجعل التحديات التي تواجهها تلك البلاد أكثر تعقيداً. فالمنطقة ملغمة بأيديولوجيات متطرفة وخلفيات تاريخية تتصادم مع طموحات الدول التقدمية ولهذا لابد لهذه الدول أن يكون لها مشروع تقدمي مشترك يدفعها للأمام حتى لا تجرها الدول المؤدلجة للخلف، كما عليها أيضاً أن تدرك تقديم المواعظ للطرف الآخر هو مجرد مضيعة للوقت ومن الممكن أن يزيد الفجوة والعداء.
إن دخول دولة الإمارات النادي النووي العالمي كأول دولة عربية لن يعتبر حافزاً فعلياً إلا للدول التي لها نفس هذا التوجه الطموح، لذلك من الممكن أن يكون هذا الإنجاز الإماراتي جزءاً من مشروع أوسع يربط الإمارات والبحرين والسعودية وكذلك مصر. فتحالفات من هذا القبيل بهدف الابتكار والتقدم هو أفضل رسالة ممكن تقديمها للعالم خاصة عندما يتم مقارنتها بدول أخرى في المنطقة في الاتجاه المعاكس تعاني من اضمحلال البنية التحتية والصراع الطائفي وهيمنة الدول الإقليمية. 
إن هذا النموذج الذي تقدمه دولة الإمارات لن يكون الوصول إليه سهلاً في المنطقة، لأن بعض الشعوب لم تعتد عليه، فطيلة العقود السابقة كان النهج إطلاق شعارات من دون فعل، لكن ما قامت به الإمارات عكس ذلك: «تكلم قليلاً وأفعل كثيراً»، لذا وجود تحالفات لدول المنطقة لها التوجه نفسه سيساعد الجميع على الانطلاق بشكل أسرع. فأفضل طريقة لمواجهة الدول المؤدلجة التعبوية، تكمن في الاستثمار في طاقة الشباب والابتكارات العلمية مثل تقنيات الفضاء والطاقة النووية من خلال التعاون مع النظام العالمي المنخرط في السعي إلى كل ما هو جديد ونافع بشقيه الغربي والشرقي.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي