بعد نجاحها المستحق في إطلاق «مسبار الأمل»، بعين بصيرة نحو الآفاق وبقدم راسخة صوب المستقبل، تثبتُ الإمارات للعالم بأنها شريكة معه في مضمار الفضاء، وعلى أتم الاستعداد لتحمل تحديات هذه الشراكة الكونية.
«مسبار الأمل» عمل تراكمي مدروس لسنوات، وهو ما أشار إليه تقرير نُشر على موقع «جامعة كاليفورنيا بيركلي»، بأن تعاوناً علمياً وتدريبياً قدمته الجامعة، التي استضافت خلال السنوات الخمس الماضية طلاباً جامعيين إماراتيين، ضمن تجربة بحثية لدراسة علوم الفضاء، وأشاد أحد مسؤولي الجامعة بمثابرة هؤلاء الطلاب، قائلاً: «لقد رأيت بنفسي مدى حماسة ومهنية وفضول وطموح الفريق الإماراتي».
فهذه شهادة معتبرة من أصحاب الشأن الفضائي الأول على مستوى العالم، وقد لحقت الإمارات بهم بفضل جهود أبنائها المهرة. هؤلاء ثمرة حلم المغفور له الشيخ زايد، علماء المستقبل في عالم تتنافس فيه عشر دول، والإمارات واحدة منها فخر العرب والمسلمين في الفضاء.
من هذا المنطلق غرد وزير الدولة للشؤون الخارجية معالي الدكتور أنور قرقاش قائلاً «ما أجمل أن تكون الإمارات في مصاف الدول المستكشفة للفضاء والدول المشغِّلة للطاقة النووية السلمية، والدول الرائدة في الطاقة السلمية. الطموح والتخطيط والعمل الدؤوب لتحقيق ذلك يكرس نموذجاً عربياً ناجحاً ورسالة مشرقة إلى العالم».
وهذه الرسالة مقارنة بالتجارب السابقة والمثمرة حتى الآن، فإن تجربة الإمارات مع هذا المسبار، الذي سافر إلى الفضاء متبوعاً بأدعية قيادتنا الرشيدة ب «اللهم هون سفرنا»، قد تستمر ثمارها إلى استكمال الإمارات مئويتها في 2071، لأن مسبار «فوييجر»، الذي انطلق عام 1976 لا زال يؤدي دوره لعقد قادم من عمره الافتراضي، وقد قطع إلى الآن قرابة 22 مليار كيلومتر مربع، ومما لا شك فيه بأن «مسبار الأمل» أكثر تطوراً مقارنة بالنسخ السابقة في عالم الفضاء، ما يعطي أملاً أكبر في بقائه المنتج لعقود أطول.
فانطلاق «مسبار الأمل» يتبعه مشاريع أخرى مرتبطة به، وبناء عليه تستعد جامعة الإمارات العربية المتحدة لإطلاق حزمة من المبادرات وإنشاء مختبرات تواكب متطلبات الذكاء الاصطناعي من خلال تنفيذ عدة مشاريع كبرى في هذا المجال، وتشمل «الفاب لاب» و«المصانع التعليمية»، واستحداث تخصص «مختبرات الروبوتات - للذكاء الاصطناعي»، إضافة إلى مشروع «قاعدة البيانات الضخمة»، ومكتبة المواد ومشروع «معمل التطبيقات».
من هذا الباب قلنا بأن الاستبصار في الآفاق البعيدة يرسخ أقدامنا في الآمال العريضة.
«مسبار الأمل» مشروع مستدام ضمن المشروعات المستدامة في الدولة، ومنها ما كشف عنه المدير العام لوكالة الإمارات للفضاء، بأنه تم البدء في إجراءات اختيار المهندسين والعلماء العرب، الذين سيشاركون في تجهيزات مشروع القمر الاصطناعي «318»، الذي ستهديه دولة الإمارات للعالم العربي، ليكون أول مشروع عربي فضائي مشترك، موضحاً أن القمر سيكون جاهزاً للإطلاق بحلول عام 2024.
ويهمنا هنا أن نتأمل ما قاله مدير «ناسا» عن تجربة الإمارات في هذا الحدث الكوني، فقد هنأ الإمارات بنجاحها في إطلاق «مسبار الأمل» لاستكشاف المريخ، قائلاً إنها كانت عملية «رائعة حقاً».
وأضاف جيم بريدينستين، في بيان نشره موقع وكالة «ناسا»، أن إطلاق المسبار يأتي «تتويجًا للعمل الجاد والتركيز والتفاني الهائل، بالإضافة إلى بداية رحلة الإمارات إلى المريخ بهدف نهائي هو سكن الإنسان على الكوكب الأحمر».
أما في اليابان البلد الذي انطلق منه مسبار الأمل فقد أكد السفير الياباني لدى الدولة، أن إطلاق مهمة المريخ من مركز تانيغاشيما الفضائي، خطوة مهمة، تعزز المرحلة الجديدة من التعاون الثنائي بين اليابان والإمارات في مجال البحث والتطوير في علوم الفضاء، مشيراً إلى أن «مسبار الأمل» مشروع مهم للاستكشاف العلمي.
وقال: «إن الإدارة المتميزة والالتزام القوي من دولة الإمارات، هما ما يجب أن تتحلى به الدول الأخرى، بما في ذلك اليابان». إنجار إماراتي في أيام مباركة، عيدكم مبارك.