أعلنت إيران يوم الجمعة 24 من يوليو الجاري أنها تقدّمت بشكوى لدى منظمة الطيران المدني الدولي احتجاجاً اقتراب «طائرتين حربيتين» أميركيتين من طائرة ركاب تابعة لها أثناء تحليقها في الأجواء السورية، معتبرةً الأمر انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي. لذا تنوي طهران رفع رسالة احتجاج إلى مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، فيما أكدت القيادة المركزية للجيش الأميركي التي تشرف على العمليات في الشرق الأوسط، أن إحدى طائراتها من طراز «إف-15» كانت في «مهمة جوية روتينية» عندما اقتربت من الطائرة الإيرانية فوق سوريا، وأن المهمة هدفها ضمان سلامة القوات الأميركية في «التنف» بسوريا، حيث كانت الطائرة تحلق فوق تلك المنطقة. 

لكن ما دلالات حادثة الاعتراض؟ وهل تساهم في تصعيد التوتر بين واشنطن وطهران؟
تخضع شركة الطيران الإيرانية «ماهان إير» لعقوبات أميركية منذ عام 2011 بسبب تورطها في نقل مقاتلين مرتزقة موالين لإيران وأسلحة لحساب الحرس الثوري الإيراني إلى سوريا. وعبر السنوات الماضية، وجّهت تقارير غربية أصابع الاتهام للشركة في نقل السلاح إلى دول عدة، منها لبنان وسوريا. كما تواجه الشركة تهماً لتعاونها مع وحدات تابعة للحرس الثوري وذراعه الخارجية «فيلق القدس» لنقل السلاح إلى المناطق التي ينشط فيها هو أو الميليشيات التابعة له. وتتحدث التقارير عن تهريب السلاح والمقاتلين عبر رحلات مدنية، وتعتقد أن الشركة تستغل الرحلات المدنية لمراوغة العقوبات وللتمويه على نقل السلاح نحو وجهات معينة والالتفاف على قرارات الأمم المتحدة التي تطالب إيران بوقف تصدير السلاح. وقد شملت القرارات الصادرة ضد تهريب الأسلحة الإيرانية أي شركة ملاحة جوية أو بحرية أو برية تساهم في نقل السلاح، بما في ذلك «ماهان إير» للطيران. 

ويمثل اعتراض الطائرة الإيرانية حلقة جديدة من مسلسل التوتر المتصاعد بين واشنطن وطهران، ما قد ينعكس على المنطقة، إذ سارع أنصار إيران، في غزة واليمن ولبنان، للاحتشاد خلفها وإدانة اعتراض المقاتلة الأميركية للطائرة الإيرانية، حيث أصدرت حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» بيانات إدانة، كما سارع المكتب السياسي للحوثيين في اليمن بإصدار بيان دعم لطهران وإدانة لـ«العدوان الأميركي»، أما «حزب الله» اللبناني فأدان بشدّة ما أسماه العمل العدواني، معلناً «تضامنه مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومع الجمهورية العربية السورية في وجه العربدة الأميركية المتمادية». 
ويعد استخدام طائرات الركاب المدنية لتنفيذ أغراض عسكرية جريمة حرب، بموجب اتفاقية جنيف. وكانت واشنطن قد عاقبت شركة «ماهان إير» كجزء من إجراءاتها لمكافحة الإرهاب، إلا أن إيران ما زالت تستخدم قطاع الطيران المدني لأغراض عسكرية. لذلك يصعب الفصل بين الحركة الجوية التجارية الإيرانية وبين ما يجري من نقل للمقاتلين من أفغانستان والعراق وباكستان، للمشاركة في أنشطة العسكرية في دول أخرى مثل سوريا ولبنان واليمن. 
وفي ظل علاقات متوترة وتخضع لتوازنات دقيقة في المنطقة، لا يبدو أن حادثة اعتراض الطائرة الأميركية للطائرة الإيرانية المدنية تستهدف التصعيد بقدر ما هي فقط رسالة إنذار أميركية لطهران.