«الثروة الحقيقية هي ثروة الرجال وليس المال والنفط، ولا فائدة في المال إذا لم يسخّر لخدمة الشعب»، تلك هي مقولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي وضعت منذ العام 1971 أسس التنمية ومنهاج العمل، والذي يقوم في المقام الأول على أكتاف مواطني الدولة، والذين بذلوا الجهد الممزوج بالإخلاص والتضحية، في سبيل بناء مسيرة إنجازات الدولة على المستوى العربي والدولي. 
ونستطيع القول بأن الإمارات قد قررت منذ تأسيسها، ألا تكون دولة عضو في المنظمات الدولية فقط، بل أن تتفوق وتتميز وتحتل الريادة في جميع مؤشرات التنمية والتطور على مستوى العالم، ولعل من أمثلة ذلك التميز، احتلال الإمارات المركز الأول خليجياً وعربياً وفي غرب آسيا، والثامن عالمياً في مؤشر الخدمات الذكية، الصادر عن الأمم المتحدة ضمن المؤشر الكلي لتنمية الحكومات الإلكترونية، والذي يقارن الخدمات الذكية في 193 دولة.
ولكن الحدث الأبرز منذ قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، هو تسطير مواطنيها مؤخراً بحروف من ذهب صفحة جديدة من تاريخ الدولة، بإطلاق «مسبار الأمل» نحو كوكب المريخ، وقد كان إطلاق المسبار بنجاح فجر يوم الاثنين الماضي، الموافق 20 من يوليو الحالي، في رحلة سيقطع خلالها 493 مليون كيلو متر نحو الكوكب الأحمر، الخطوة الأولى في مسيرة الإمارات لاستكشاف الفضاء، ضمن نخبة من دول العالم التي تمضي في المسار ذاته بشكل خاص، وفي مجال استكشاف الفضاء والكواكب بشكل عام. 
واللافت للنظر، أن عملية تصنيع وإطلاق المسبار قد استغرقت 6 سنوات، منذ الإعلان عنه عام 2014، على أن يصل إلى مدار كوكب المريخ في الربع الأول من عام 2021، بالتزامن مع احتفالات دولة الإمارات بالذكرى الخمسين لقيام الاتحاد، وقد طبقت حكومة الإمارات طيلة الأعوام الستة الماضية، وبتركيز شديد خطة متكاملة لإعداد وتأهيل جيل من المواطنين، ليقوموا بتصنيع المسبار وأجهزته العلمية، وذلك ضمن ترجمة عملية لمقولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «رحمه الله»، بضرورة الاستثمار في العنصر البشري المواطن.
ولقد جاءت النتائج على درجة تفوق التوقعات، إذ نجح المواطن الإماراتي في العديد من المجالات العلمية الاستراتيجية، وكانت البداية عندما استطاع، بتفوق وتميز، أن يدرس ويستوعب مختلف علوم الفضاء المتعلقة بالكواكب ومساراتها والأجهزة العلمية المناسبة للمسبار في زمن قياسي، مما ساهم في وضع الخطة الدقيقة لتصنيع وإطلاق المسبار. إضافة إلى ذلك، فقد تفوق المواطن الإماراتي في وضع أهداف رحلة المسبار، والتي تميزت عن بقية الرحلات التي أطلقتها الدول المتقدمة في مجال الفضاء، وتضمنت تلك الأهداف على سبيل المثال، رسم أول خريطة عالمية للغلاف الجوي للمريخ، ودراسة أسباب فقدان الكوكب معظم مياهه، والإنجاز الثالث للمواطن الإماراتي تمثل في تطوير 200 تصميم تكنولوجي علمي جديد، وتصنيع أكثر من 66 قطعة ميكانيكية من مكونات المسبار في الإمارات، بجانب نجاح فريق العمل الإماراتي في المساهمة في تصميم نظام الدفع عالي الدقة للمسبار، ونشر 51 ورقة عمل وبحثاً علمياً متخصصاً، وصولاً إلى استفادة 60 ألف مشارك من البرامج العلمية والتعليمية، للتعريف بمهمة مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، أضف إلى ذلك نجاح الإمارات، من خلال مسبار الأمل، في تدشين أول مشروع عربي لاستكشاف الفضاء، وأخيراً، فإن خطوة «مسبار الأمل» قد ساهمت في تأسيس وتوطين الصناعات الفضائية الإماراتية، والمحصلة النهائية تاريخ جديد للإمارات بدأ بخطوة نحو كوكب المريخ.